على عاتقه وقصد الشجرة ليقطعها، فاستقبله إبليس في صورة شيخ، فقال: أين تريد رحمك الله؟ قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة، قال: وما أنت وذاك، تركت عبادتك واشتغالك بنفسك وتفرغت لغير ذلك، فقال: إن هذا من عبادتي، قال: فإني لا أتركك أن تقطعها، فقاتله فأخذه العابد فطرحه إلى الأرض وقعد على صدره، فقال له إبليس: أطلقني حتى أكلمك، فقام عنه، فقال له إبليس: يا هذا، إن الله تعالى قد أسقط عنك هذا ولم يفرضه عليك، وما تعبدها أنت، وما عليك من غيرك، ولله تعالى أنبياء في أقاليم الأرض ولو شاء لبعثهم إلى أهلها وأمرهم بقطعها، فقال العابد: لا بد لي من قطعها، فنابذه للقتال فغلبه العابد وصرعه وقعد على صدره، فعجز إبليس، فقال له: هل لك في أمر فصل بيني وبينك، وهو خير لك وأنفع، قال:
وما هو؟ قال: أطلقني حتى أقول لك، فأطلقه، فقال إبليس: أنت رجل فقير، لا شئ لك، إنما أنت كل على الناس يعولونك، ولعلك تحب أن تتفضل على إخوانك وتواسي جيرانك وتشبع وتستغني عن الناس، قال: نعم، قال: فارجع عن هذا الأمر ولك علي أن أجعل عند رأسك في كل ليلة دينارين، إذا أصبحت أخذتهما فأنفقت على نفسك وعيالك وتصدقت على إخوانك، فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة التي يغرس مكانها ولا يضرهم قطعها شيئا، ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعك إياها، فتفكر العابد فيما قال وقال: صدق الشيخ، لست بنبي فيلزمني قطع هذه الشجرة، ولا أمرني الله أن أقطعها فأكون عاصيا بتركها، وما ذكره أكثر منفعة، فعاهده على الوفاء بذلك وحلف له، فرجع العابد إلى متعبده، فبات، فلما أصبح رأى دينارين عند رأسه فأخذهما وكذلك لغد، ثم أصبح اليوم الثالث وما بعده فلم ير شيئا، فغضب وأخذ فأسه على عاتقه فاستقبله إبليس