فيها على موجب العادة من بعض الاختلافات، لأجل الخلل والزلل المستندين إلى السهو والنسيان الطارئين لنساخ الكتب والمصححين لها - ولو كانوا في غاية الثقة والضبط - بعد ذلك كله، زيدت في مقدمات الاجتهاد زيادات، وتوقف تمام الاجتهاد على تحصيل جملة من العلوم والمعارف التي لها مدخلية في معرفة مداليل الألفاظ، وفهم ظواهر الكتاب والسنة، والعلم بأحوال الرواة وأسانيد الروايات، وتمييز الصحيح من السقيم، والممدوح عن المجروح، وغير ذلك.
والاجتهاد كذلك في معرفة الأحكام الشرعية بمعنى: الجد والجهد في تشخيص مداليل الأدلة، وتعيين أحوال أسانيدها واجب عيني - عند جميع الشيعة - على كل مكلف يتمكن منه، إن لم يقم به من فيه الكفاية، لعمل سائر المكلفين، وإن قام به مقدار الكفاية فيسقط الوجوب عن الآخرين.
[الأخباريون] إن ما ذكرناه من اتفاق علماء الشيعة على وجوب الاجتهاد في الأحكام إنما هو في مقام عملهم، وإن أنكر الاجتهاد قولا بعض المتأخرين منهم بدعوى أنه يعمل بالأخبار، فعرف ب " الأخباري "، لكنا بينا في محله أنه نزاع لفظي، لأن العمل بالخبر ليس إلا العمل بمعناه وما يفهم ويستفاد منه، فالعمل بالخبر موقوف على فهم المعنى