بالحقيقة " إن أريد إلا الاصلاح وما توفيقي إلا بالله " (1).
[بدء اختلاف المسلمين] لا شبهة لأحد في أن خلاف المسلمين في فروع الدين إنما حدث بعد رحلة نبي الإسلام صلى الله عليه وآله لا في حال حياته، فإن جميع الأمة في عصره كانوا مقتبسين من أنوار علومه ومعارفه في جميع الأبواب، ولا يتجاسرون عليه بابداء رأي في قباله، لمناقضة ابداء الرأي للتصديق بأنه " ما ينطق عن الهوى " (2).
فما ذكره المقريزي لاثبات قدم الاجتهاد والفتيا: من أن العشرة المبشرة بالجنة كانوا يفتون في عصر النبي صلى الله عليه وآله (3). فيه حط لشأنه وشأنهم، بل مجرد إسلامهم لا يساعد وقوعه منهم، إلا إذا كان عن أمره، ولا يكون في قباله.
كما ولا شبهة أيضا لأحد من أن الاختلاف في الفروع لم يكن أول خلاف وقع في الإسلام، بل أول خلاف وقع بين الأمة المسلمة بعد رحلة نبيها وقبل تجهيزه باتفاق جميع التواريخ هو الاختلاف في الخلافة والولاية.
ولم يكن هذا الخلاف في حال حياته أيضا البتة، حيث أنه لم