الدور الأول: دور الصحابة والتابعين كان بعض الصحابة إذا عرضت لهم مسألة يحاولون أن يجدوا حلها من الكتاب أو السنة، فإن وجدوا حلها فيها وإلا كانوا يعملون بما وصل إليه رأيهم في المسألة - وإن كان هناك من يتوقف من الافتاء بالرأي - كما تدل على ذلك نصوص كثيرة. ففي حديث ميمون بن مهران: " كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين فقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيه قضايا، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ علينا علم نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به " (1).
وفي تعاليم عمر لشريح كما يؤثر عنه: " فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يتكلم فيه أحد قبلك، فاختر أي الأمرين شئت، وإن شئت أن تجتهد برأيك لتقدم فتقدم، وإن شئت أن تتأخر فتأخر، ولا أرى التأخر إلا خيرا لك " (2).