رغبة هذه الطائفة فيه، وترك عنايتهم به، لأنهم ألفوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ، حتى أن مسألة لو غير لفظها وعبر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها.. " (1).
ومن خلال هذا النص نرى كيف تحول الفقه والاجتهاد - في هذا الدور - من الاقتصار على الروايات إلى تفريع الفروع على الأصول بصورة موسعة.
موقف الاجتهاد من العقل:
قلنا: إن الشيعة رفضوا القياس والرأي، ولكن لا بد أن نرى هل أنهم رفضوا تدخل العقل، ومدركاته كليا في عملية الاستنباط أو تقبلوه في حدود معينة؟! ولأجل توضيح ذلك نقول:
إن المدركات العقلية على نحوين:
الأول - المدركات العقلية الكاملة: وهي التي لا تحتمل الخطأ، كحكمنا بأن اجتماع النقيضين محال وأن المعدن يتمدد بالحرارة وأمثال ذلك، سواء كانت هذه المدركات بديهية أم ثابتة بالتجربة.
الثاني - المدركات العقلية الناقصة: وهي التي يحتمل فيها الخطأ، كحكمنا بأن الشئ الفلاني الذي يشبه الشئ المحرم في بعض الخصائص حرام أيضا. فهذا وأمثاله أحكام عقلية غير قطعية بل يحتمل فيها الخطأ.