[الاستنتاج مما سبق] قد ظهر من مطاوي ما ذكرنا من كلمات المؤرخين المعتمدين:
" ابن الفوطي " في " الحوادث " و " المقريزي " في " الخطط " إن بدء الحكم بانحصار المذاهب في الأربعة، ووجوب الأخذ بخصوصها وحرمة التمذهب بغيرها، إنما كان في أواسط القرن السابع، من دون استناد فيه إلى دليل شرعي، بل إنما صدر على وفق سياسة بعض الخلفاء، ولذا لم يخضع له إلا من كان من حواشي الملوك والخلفاء والمتقربين إليهم، ومن الساعين في تحصيل المناصب ونيل الوظائف للقضاء والإمامة والكتابة والانشاء، وغير ذلك.
[المجتهدون بعد انحصار المذاهب] وأما البالغون مبالغ الأعلام من العلماء العظماء الأحرار المستخلصين نفوسهم عن ذل التقاليد فهم كانوا يظهرون استقلالهم في كل عصر، ويبدون مذاهبهم وفتياهم كالإمام " جار الله محمود ابن عمر الزمخشري " المتوفى سنة 538، والإمام " محيي الدين محمد بن علي بن العربي " المتوفى سنة 638، وإن كانوا ينتسبون إلى بعض المذاهب حسب مقتضيات الأوقات، كما أن " أحمد بن تيمية " الحنبلي المتوفى سنة 728 قد أشهد على نفسه بأنه شافعي، وكثير من أتباعه أظهروا أنهم من الشوافع، لكن فتاواه الخارجة