تزايد تفرق الصحابة في البلاد، فكان أمير كل بلد يجتهد لو لم يكن فيها صحابي " (1).
أقول: كلامه صريح في أن أمير البلد كان يرجع إليه، وإن لم يكن هو صحابيا.
[سبب الاختلاف في الفتاوى] وأما سبب اختلاف هؤلاء الأصحاب في الفتاوى، فهو على ما فصله المقريزي وملخصه:
أنه لم يكن كل واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم متمكنا من دوام الحضور عنده " ص " لأخذ الأحكام عنه، بل كان في مدة حياته يحضره بعضهم دون بعض، وفي وقت دون وقت، وكان يسمع جواب النبي صلى الله عليه وآله عن كل مسألة يسأل عنها بعض الأصحاب ويفوت عن الآخرين، فلما تفرق الأصحاب بعد وفاته صلى الله عليه وآله في البلدان، تفرقت الأحكام المروية عنه صلى الله عليه وآله فيها، فيروي عنه في كل بلدة منها جملة، ويروي عنه في غير تلك البلدة جملة أخرى حيث أنه قد حضر المدني من الأحكام ما لم يحضره المصري، وحضر المصري ما لم يحضره الشامي، وحضر الشامي ما لم يحضره البصري، وحضر البصري ما لم يحضره الكوفي، إلى غير ذلك.
وكان كل منهم يجتهد فيما لم يحضره من الأحكام.