يذكر في أي تاريخ أبدا، بل كان المسلمون كافة في تمام مدة حياته متوافقين متسالمين على ما ألزمهم نبيهم من أخذ البيعة منهم لابن عمه في يوم الغدير، بتفصيل مذكور في كتب التواريخ والسير كافة (1). فكانوا في حياته مذعنين لابن عمه بالولاية والوزارة والوصاية والخلافة والإمامة، على موجب تصريحات نبيهم بجميع ذلك له في أوقات كثيرة وأماكن عديدة، من أول بعثته في مكة المعظمة إلى رحلته في المدينة المنورة، ولم يظهر طول تلك المدة من أحد من الأصحاب نكير لذلك أبدا (2).
كما ولا شبهة أيضا لأحد أنه لم يجتمع جميع الأمة دفعة واحدة، ولم تتفق آراؤهم جميعا في وقت واحد، بعد رحلة نبيها وقبل تجهيزه، على خلافة واحد معين من القوم، بل إنما بادر بعض القوم بمجرد ارتحاله إلى نقض بيعة الغدير وانكار الولاية ابتداءا، ثم سرى منه النقض والانكار إلى غيره شيئا فشيئا، ثم بسبب اشتغال بعض وجوه الأمة المسلمة بتدبير أمر الخلافة، وترشيح شخص آخر له (3) وترتيب مقدمات لتحصيل أكثرية الآراء في عدة أيام ومحافل كثيرة، قوي أمر الخلافة.