أقول: سؤالنا الأول له عن مدى شرعية كلامه هو، فمن أين أتى بحديث عدم الاستحباب؟ فإذا كانت سيرة المتشرعة طوال مئات السنين وفيهم جميع علماء الطائفة الكبار لم تبين له استحبابا وصحة في العمل، فهل يريدنا أن ننسى أن الإمام زين العابدين (ع) ومعه حوراء آل محمد (ص) قد زاروا الإمام الحسين (ع) في مثل هذا اليوم؟ فإن قال بأن وصولهم إلى كربلاء صادف ذلك اليوم ولم يكن قد تم عن عمد قلنا بأن مفاهيم الولاية - وهي مفاهيم لا يفقه عنها شئ على ما يبدو من جميع كلماته - تدعونا للتأسي بهم في كل ما فعلوه وأدوه، وما أيسر فهم واجب المواساة لعليل كربلاء وللصديقة الحوراء (عليهم السلام) وهم يعودون للتو من سبي أقرح أشد القلوب قسوة غيرة على نساء آل محمد (ص)، وما أسهل إدراك واجب الوجدان تجاه إمام مفترض الطاعة من أئمتنا وله من الحب والولاء كالإمام الحسين (ع) ورأسه الشريف يعاد في مثل هذا اليوم إلى الجسد الطاهر.. ترى هل أن كلمته عن نسيان الميت بعد وفاته تترجم لنا العلاقة المطلوبة في نظره مع الإمام الحسين (ع) بحيث يكون المطلوب هو أن ننسى الإمام الحسين (خلاص)؟ أم أن نعت الزيارة بأقذر الصفات في الوجدان العام للأمة قد جاء بريئا بحيث إنه لم يسع به لتكملة الشق الأول من مسألة نسيان الميت؟ أم أن تجريد الزيارة من الاستحباب الواضح ويكفيه استحبابا أنه للحسين (ع) كان خاليا من المسعى لتجريد النفس من متبقي الرغبة بزيارة الإمام (صلوات الله عليه) فإذا ما كان المطلوب هو نسيان الميت وأن هذه الزيارة يهودية الأصل وهي ليست بمستحبة فما الذي يبقى بين يدي عشاق الحسين في يوم عودة الرأس المقدس إلى الجسد المبضع بجراحات الأمة والمكتنز بآلام العقيدة والدين؟!
على أننا لا يمكن لنا أن نغفل عن حقيقة تظل في واقع الحال أخطر بكثير من هذه الحقائق، فالذي يريد أن يبلغ أمة عن يوم له كل القداسة في نظرها، وتكبدت في سبيل إحيائه الجسيم من الخسائر، وضحت بالغالي من الأبناء والأفذاذ والأموال في سبيل تمجيده، يشترك في ذلك كبير علمائها ووجهائها مع سائر الشرائح العلمية والاجتماعية.. بأن هذا اليوم ليس له من قيم القداسة شئ بل على العكس هو إرث لقيم فاسدة وقبيحة.. أتراه قد استهدف في ذلك هذا اليوم فحسب؟ من المسلم أنه لم يستهدف