وقال أهل الظاهر: القصر والافطار في كل سفر حتى القريب.
قال ابن رشد. " في صلاة السفر من البداية والنهاية ": والسبب في اختلافهم معارضة المعنى المعقول من التقصير والافطار في السفر للفظ المنقول في هذا الباب. وذلك أن المعقول من تأثير السفر في القصر والافطار أنه لمكان المشقة فيه.
وإذا كان الأمر على ذلك فإنما يكونان حيث تكون المشقة، وعند أبي حنيفة لا تكون المشقة إلا بقطع ثلاث مراحل، وعند الشافعي ومالك وأحمد تكون بقطع ستة عشر فرسخا " قال ": وأما من لا يراعي في ذلك إلا اللفظ فقط كأهل الظاهر فقد قالوا: أن النبي صلى الله عليه وآله نص على أن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة فكل من أطلق عليه اسم مسافر جاز له القصر والفطر " قال ": وأيدوا ذلك بما رواه مسلم عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقصر في نحو السبعة عشر ميلا. ا ه.
وعلى هذا فإن أئمة المذاهب الأربعة لم يستندوا فيما حددوه من المسافة إلى دليل من أقوال النبي أو أفعاله صلى الله عليه وآله وإنما استندوا إلى فلسفة أطلقوا عليها " المعنى المعقول " وذلك ما لا يرتضيه أئمة أهل البيت ولا تطمئن إليه الإمامية في استنباط الأحكام الشرعية.
وكان أهل مكة - على عهد النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر - إذا خرجوا من مكة إلى عرفات يقصرون في عرفات والمزدلفة ومنى وهذا ثابت لا ريب فيه.
وأخرج الشيخان في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا خرج من مكة إلى عرفات قصر، وأن أبا بكر وعمر قصرا بعده. وأن عثمان قصر أيضا ثم أتم