* كانت الناس في الجاهلية الجهلاء، ولن تتحمل نسبة العلم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بلا توسط الوحي بينه وبين الله، إما لأن عادة ان الأنبياء يوحى إليهم.
واما لقرب عهدهم بالجاهلية وعدم معرفتهم المعرفة الحقيقية للنبي الأعظم، حتى أنهم كانوا ينادونه من وراء الحجرات باسمه.
وهم، مع أنه (صلى الله عليه وآله) أبرز لهم مسألة الوحي، كذبوه وقالوا: هذا من عنده، أو من عند سلمان الفارسي.
فكيف لو لم يبرز لهم الوحي وجبرائيل (عليه السلام)!؟.
وما يشير إلى ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) عندما كان يأتيه الوحي، كان يقول جاء جبرائيل، وذهب جبرائيل، وأخبرني جبرائيل عن الله تعالى، وما شابه ذلك، وما ذاك إلا للتأكيد أن هناك إلها ودينا وإسلاما ورسالة من السماء.
ومن هنا نفهم الآيات والروايات التي تحدثنا ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يعطي الجواب حتى ينزل الوحي، فهو كان يعلم الجواب، ولكن يريد أن يغرز في نفوسهم فكرة الوحي من السماء.
قال تعالى: * (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) * (1).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن ينقضي الوحي من السماء عليه، كان مستعدا أن يقرأ على الناس القرآن، بل تقدم علمه للقرآن منذ عالم الأنوار.
ونسبة العجلة للنبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن المراد بها حتى أن التوقيت غير مناسب، بل لابراز أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعلم بالقرآن وآياته قبل أن ينزل عليه جبرائيل، وبالتالي تكون الآية دليلا على ما نذكره وذكرناه سابقا أن جبرائيل كان يذكره بالقرآن تذكيرا لا يجتمع مع النسيان.
ان قيل: يحتمل في الآية ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يستعجل بالقرآن فيتلو الآية الأولى أو مطلعها قبل أن يكملها جبرائيل أو قبل أن ينتهي من السورة.
قلنا: فعل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) هذا إما مع التفاته إلى بقية الآيات التي يكملها جبرائيل، وإما مع عدم التفاته لها.