فعلى الأول لا معنى للنهي عن العجلة.
وعلى الثاني يكون النبي مفوتا للوحي ومضيعا لبعض الآيات، ولا قائل به إلا من سفه قوله.
قال الشيخ الطبرسي في الآية: لا تحرك به لسانك لتعجل قراءته بل كررها عليهم ليتقرر في قلوبهم فإنهم غافلون عن الأدلة، ألهاهم حب العاجلة فاحتاجوا إلى زيادة تنبيه وتقرير (1).
وقال سيد المفسرين: ويؤول المعنى إلى أنك تعجل بقراءة ما لم ينزل بعد، لأن عندك علما في الجملة، لكن لا تكتف به واطلب من الله علما جديدا بالصبر واستماع بقية الوحي. وهذه الآية مما يؤيد ما ورد من الروايات أن للقرآن نزولا دفعة واحدة غير نزوله نجوما على النبي (صلى الله عليه وآله) فلولا علم ما منه بالقرآن قبل ذلك لم يكن لعجلته بقراءة ما لم ينزل منه بعد معنى (2).
وقد أبطل السيد الطباطبائي نسبة عجلة النبي (صلى الله عليه وآله) في القراءة قبل انتهاء جبرائيل (3).
* أقول: عندي أن معنى الآية: ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ القرآن على الناس أو كان يبلغ بعض أحكامه ومعانيه للناس مرة واحدة، وذلك قبل أن ينزل الوحي عليه به وقبل أن ينقضي اليه، فجاء الخطاب الإلهي ليقول: لا تعجل في تبليغ القرآن ، وأبلغه للناس حتى قبل نزول جبرائيل به، أبلغهم إياه بالتأني ليفهموه ويعملوا به، ولك أن تقرأه عدة مرات على الناس ولا داعي للعجلة والاقتصار على المرة، فان قلوبهم لم تلن بعد، واشكر الله (وقل رب زدني علما) لما أتاك علم القرآن قبل أن ينزل به جبرائيل.
وبذلك ننفي محذور نسبة العجلة إلى النبي (صلى الله عليه وآله).
ويشير اليه ما روي عن ابن عباس ضمن حديث طويل عن رسول الله