حقيقة علم آل محمد (ع) وجهاته - السيد علي عاشور - الصفحة ٥٩
يتولد مراتب العدد من الواحد على الترتيب، وما من شئ من الأشياء يوجد إلا وقد صار من جهة ما يكون واجبا بسببه وسبب سببه إلى أن ينتهي إليه تعالى.
فيكون هذه الأسباب بمصادماتها تتأدى إلى أن يوجد عنها الأمور الجزئية) (1).
فتحصل: ان العلم الحصولي الكسبي علم بظواهر الأشياء وجزئياتها من طريق نفس الأشياء يتغير ولا يفيد اليقين، وهذا العلم يتنزه عنه الأولياء فضلا عن آل محمد (عليهم السلام).
وان العلم الشهودي الحضوري علم بواقع الأشياء وأسبابها - والذي يغني عن العلم بجزئياتها - وانه هو علم الأولياء فضلا عن أولي الأمر من آل محمد (عليهم السلام).
وآثار هذا العلم إضافة إلى أنها شهودية لعين الواقع وصقع الأمر، أنه يؤهل العالم به أن يطلع على أسرار الكون والملكوت، ويعطيه الأهلية لقدرة التصرف فيه، منتظرا منح القدرة من الله العزيز المتعال.
قال الإمام الغزالي بعد تعريف الوحي والإلهام والعلم الحاصل منهما: (والعلم الحاصل عن الوحي يسمى علما نبويا، والذي يحصل عن الإلهام يسمى علما لدنيا، والعلم اللدني هو الذي لا واسطة في حصوله بين النفس وبين الباري، وانما هو كالضوء من سراج الغيب يقع على قلب صاف فارغ لطيف، وذلك أن العلوم كلها حاصلة معلومة في جوهر النفس الكلية الأولى، الذي هو في الجواهر المفارقة الأولية المحضة بالنسبة إلى العقل الأول كنسبة حواء إلى آدم (عليه السلام).
وقد بين ان العقل الكلي أشرف وأكمل وأقوى وأقرب إلى الباري تعالى من النفس الكلية، والنفس الكلية أعز وألطف وأشرف من سائر المخلوقات، فمن إفاضة العقل الكلي يتولد الإلهام (كذا - والصحيح الوحي) ومن اشراق النفس الكلية يتولد الإلهام، فالوحي حلية الأنبياء، والإلهام زينة الأولياء (2).

١ - شرح أصول الكافي: ٢٠٦ ط. الرحلي.
٢ - رسائل الإمام الغزالي - الرسالة اللدنية: 3 / 70 ط دار الكتب العلمية، وراجع جامع الأسرار: 449 ح 905.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تمهيد: 9
2 وجوب معرفة علم الإمام (عليه السلام) 11
3 سبب اخفاء النبي (صلى الله عليه وآله) للعلم الرباني 13
4 الجهة الأولى: علم آل محمد (عليهم السلام) وأقسامه 17
5 مراتب علم آل محمد (عليهم السلام) وأقسامه 19
6 وجوه الجمع بين أحاديثهم الصعبة 21
7 الجهة الثانية: زمان علم آل محمد (عليهم السلام) 23
8 الجهة الثالثة: ماهية علم آل محمد (عليهم السلام) 31
9 العلم الكسبي الحصولي 33
10 العلم اللدني 35
11 الآيات الدالة على العلم اللدني 35
12 الأحاديث الدالة على العلم اللدني 53
13 الدليل العقلي 55
14 الفرق بين العلم اللدني الحضوري والكسبي الحصولي 57
15 العلم الإرادي 61
16 تمحيص الاحتمالات 63
17 شبهات حول العلم اللدني 69
18 رد الشبهات 70
19 الجهة الرابعة: منبع ومصدر حصول علم آل محمد (عليهم السلام) 79
20 الطائفة الأولى: ما دل أن مصدر علمهم القرآن والكتاب 79
21 الطائفة الثانية: ان علمهم من ليلة القدر 81
22 الطائفة الثالثة: ان علمهم من عامود النور 83
23 الطائفة الرابعة: ان علمهم وراثة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) 85
24 الطائفة الخامسة: ان علمهم بواسطة القذف والنقر 87
25 الطائفة السادسة: ان علمهم بالإلهام 91
26 الطائفة السابعة: في أنهم محدثون 93
27 الطائفة الثامنة: ان علمهم بواسطة الوحي وجبرائيل 95
28 الطائفة التاسعة: ان علمهم بواسطة الروح 101
29 الطائفة العاشرة: ان علمهم بلا واسطة بل من الله بالمباشرة 105
30 الترجيح بين الطوائف العشر 113
31 الجهة الخامس: كيفية حصول علم آل محمد (عليهم السلام) 119
32 الجهة السادسة: سعة علم آل محمد (عليهم السلام) 121
33 الاحتمال الأول: انهم يعلمون ما في اللوح المحفوظ 121
34 الاحتمال الثاني: علمهم بالكتاب والقرآن الكريم 123
35 الاحتمال الثالث: عندهم علم السماوات والأرض والجنة وكل غائبة فيهم 125
36 الاحتمال الرابع: علمهم بما هو كائن ويكون 127
37 الاحتمال الخامس: علمهم بما يحتاج إليه الناس وبأمورهم 129
38 الاحتمال السادس: عندهم جوامع العلوم وأصوله 131
39 الاحتمال السابع: عندهم علم جميع الأنبياء (عليهم السلام) وكتبهم السابقة والملائكة 133
40 الاحتمال الثامن: انهم أعلم من الأنبياء (عليهم السلام) 135
41 الاحتمال التاسع: علمهم بكل شيء أو بما لا يعلمون 137
42 الاحتمال العاشر: علم آل محمد (عليهم السلام) للغيب 139
43 الآيات الدالة على علم النبي (صلى الله عليه وآله) للغيب 147
44 تمحيص الاحتمالات 155
45 علم آل محمد (عليهم السلام) بزمان ومكان موتهم 159
46 دفع اشكال معرفة الإمام بموته (عليه السلام) 163
47 أحاديث تساوي محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) 173