بمرجح من خارجهما. فوجود الممكن يتوقف على سبب لوجوده، وعدمه على عدم السبب. وبما أن كل جزء من أجزاء العالم يحتاج إلى من يعطيه وجوده، فمن الذي أعطى للعالم الوجود؟
إن قيل إنه هو خلق نفسه، فيقال: ما دام هو لا يتضمن وجود نفسه، فكيف يمكن أن يكون سبب وجوده، وفاقد الشئ لا يعطيه.
وإن قيل إن معطيه الوجود موجود آخر مثله، فيقال: إن هذا الآخر المماثل عاجز عن إعطاء الوجود لنفسه أيضا، فكيف يعطي الوجود لغيره؟!
وهذا الحكم يجري على كل جزء في العالم، فإنا عندما نرى فضاء مضيئا لا نور له من ذاته، نحكم بوجود مبدأ لهذا النور، يكون نوره بذاته لا بغيره، وإلا لكان أصل وجود فضاء منير مستحيلا! لأن المظلم بنفسه محال أن يضئ نفسه، فضلا عن أن يضئ غيره!
من هنا، فإن نفس وجود هذه الموجودات وكمالاتها، كالحياة والعلم والقدرة دليل على وجود مبدأ لا يحتاج إلى غيره، بل وجوده وحياته وقدرته بذاته، وهو الدليل العلمي الذي قال عنه تعالى: أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون. (الطور: 35). وقد سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام: (فقال له: يا ابن رسول الله ما الدليل على حدوث العالم؟ فقال: أنت لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك ولا كونك من هو مثلك). (البحار: 3 / 36).
3 - دليل النظم الكوني:
كل ما في الكون مدهش، ومخلوق على قواعد وأصول بعلم وحكمة، من أصغر ذراته إلى أكبر مجراته! ونأخذ مثالا من النبات لنقول: لو وجدت ورقة ملقاة في برية، مكتوبا عليها حروف الأبجدية مرتبة من الألف إلى الياء، فإن