نحن لا نرفض أن يكون العامل المادي محركا لتاريخ شعب أو منطقة أو حدث لكن المرفوض هو الحصر والتعميم! فالتاريخ برأي القرآن صراع بين خط الأنبياء عليهم السلام وخط الطواغيت، ومحركه هو إرادة الأنبياء عليهم السلام وإرادة الطواغيت، وقد تتوافق مع العامل المادي وقد وقد تتعارض معه.
أما (الباحث) الأوروبي فهو يطرح السؤال عن تاريخ شعوب العالم كلها، ثم لا يستطيع أن يجيب عليه إلا بتاريخ أوروبا فقط، كأنه لا عالم على وجه الأرض إلا أوروبا! أو أن العالم نسخة عن أوروبا؟ ومتى صارت أوروبا عالما إلا قبل سنين؟!
إن محاولات الأوربيين وأبنائهم الشيوعيين تفسير سلوك الإنسان وتاريخه بالعامل الاقتصادي، والعامل الجنسي، وأمثالها، وإلغاء كل العوامل الفكرية والروحية، يدلك على المجتمع الذي أثمر هذه الأفكار، وكان يصفه إنجلز وماركس ولينين وفرويد ودارون، الذين لم يستطيعوا أن يروا إلا الدوافع المادية في مجتمعاتهم! ثم قاموا بعمل سياسي وليس علميا في تعميمه لشعوب العالم!
على أن الزيف الأسوأ والأخطر في عملهم هو خلطهم عن عمد بين ما كان، وما ينبغي أن يكون! إنهم يصرون على ماديتهم بمحاولة إعطائها صفة القانون العالمي للماضي وللمستقبل أيضا!
إن مدنيتهم الظاهرة في الصناعة والعمران والعلوم الطبيعية، تقابلها بداوة وأمية في عقولهم وأرواحهم، وخواء من الأفكار والقيم الإنسانية!
كما يقابلها الخراب والتدمير الذي ينشرونه في شعوب العالم البائسة!
وكيف لا يكون أميا من لا يرى في الإنسان أكثر من حيوان مادي نظيف؟!
وكيف لا يكون أميا من يشطب على الدين الإلهي، ويرفض نظرته العلمية القوية إلى الكون والحياة الإنسان؟!