قلت: جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي؟
قال: إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها وحد رتقها وفتقها، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف وبمثل صرف العلماء (كذا) وليستدلوا على صدق دعواهما لأنه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز.
فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى: رب العرش عما يصفون، وهو وصف عرش الوحدنية لأن قوما أشركوا كما قلت لك، قال تبارك وتعالى: رب العرش، رب الواحدانية عما يصفون. وقوما وصفوه بيدين فقالوا: يد الله مغلولة وقوما وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء. وقوما وصفوه بالأنامل فقالوا: إن محمدا صلى الله عليه وآله قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي!
فلمثل هذه الصفات قال: رب العرش عما يصفون، يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم، فذلك المثل الأعلى، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به، فلذلك قال: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، فليس له شبه ولا مثل ولا عدل، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، وهي التي وصفها في الكتاب فقال: فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه، جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها.
يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله فكان الدليل على الله بإذن الله عز وجل، حتى مضى دليلا هاديا، فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدون عليهم السلام.