فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال: لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن هذا تشبيه كفر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى عما يصفه المشبهون والملحدون.
وقال سيد الموقنين ومولى المكاشفين: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا....
وقوله عليه السلام ما ازددت يقينا، لعل المراد منه نفي الزيادة الكمية لا الكيفية، ومن ثم قال صلى الله عليه وآله: إن العيش عيش الآخرة. ونعم ما قال العارف عبد الرحمن الجامي قدس سره السامي:
تا بود باقي بقاياى وجود * كي شود صاف از كدر جام شهود تا بود پيوند جان وتن بجاى * كي شود مقصود كل برقع گشاى تا بود قالب غبار چشم جان * كي توان ديدن رخ جانان عيان ثم إن الشهود الحاصل لأهل الله في الدنيا ليس لهم بما هم بأبدانهم فرشيون دنيويون، بل بما هم بقلوبهم عرشيون أخرويون، فيصدق أن الرؤية والشهود مطلقا مخصوصة بالآخرة.
ويمكن أيضا التوفيق بين المذهبين بأن الرؤية وإن كانت بمعنى الشهود لا يمكن في الدنيا والآخرة بالنسبة إلى كنه ذاته، احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، ويمكن بالنسبة إلى وجهه: أينما تولوا فثم وجه الله.
بل هاهنا نظر آخر فيه حصر النظر على وجهه الكريم كما قال المعصوم عليه السلام بنقل القاضي سعيد القمي: لا أرى إلا وجهك ولا أسمع إلا صوتك، يا من يخلق ولا يخلق، يا من يهدي ولا يهدى، يا من يحيي ولا يحيى، يا من يسأل ولا يسأل. هذا الاسم الشريف مأخوذ من الآية الشريفة وهي: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وقد تمسك الأشاعرة بها في كثير من المواضع، منها أنهم قالوا بنفي اللمية الغائية والداعي وجواز الترجيح من غير مرجح، فإذا سئل عنهم ما المخصص لأحداث العالم في وقت مخصوص دون ساير الأوقات مع تشابهها، وما المرجح للإمساك في