واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وإذا أردت عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فأخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز وجل، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فأصحب من إذا صحبته زانك وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة عانك، وإن قلت صدق قولك، وإن صلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن بدت منك ثلمة سدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك، من لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسما أثرك.
ثم انقطع نفسه صلوات الله عليه وآله واصفر لونه حتى خشيت عليه،
____________________
إن سفراء الله سبحانه في الأرض يقفون أنفسهم لمرضاته في كل حركة وسكون، وأخذ وعطاء، وصحة ومرض وما إلى ذلك، فإنهم من الله والى الله، ولذا نراهم مستعدين للارشاد والاسعاد حتى في أحرج الساعات وأحلك الأوقات، وقد اغتنم الإمام الحسن عليه السلام هذه الفرصة عندما طلب منه جنادة وهو في آخر ساعة من أيام حياته أن يلقى عليه كلمته المسجدية التي تشتمل على جوامع الحكم، وقد قدرت الدنيا كلمته تلك ولم تزل يرن صداها إلى هذا اليوم بعد أربعة عشر قرنا والى يوم يبعثون.