وجهه وقالوا: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعالم الناس والمأخوذ عنه.
فنظر إليه علي فقال: إجلس أيها الرجل. فقال: أنا جالس أيها الهادي. فقال له علي:
من حضرموت أنت؟ قال: نعم. ثم قام إليه الحضرمي فقال:
إسمع كلامي هداك الله من هادي * وافرج بعلمك عن ذي لوعة صادي جاز التنائف من وادي السكاك إلى * ذات الأماحل من بطحاء أجياد تلفه الدمنة البوغاء معتمدا * إلى السداد وتعليم بإرشاد سمعت بالدين دين الحق جاء به * محمد وهو قرم الحضر والبادي فجئت متنقلا من دين طاغية * ومن عبادة أوثان وأنداد ومن ذبائح أعياد مضللة * نسيكها خائب ذو لوثة عادي فادلل على القصد وأجل الريب عن كبدي بسرعة ذات إيضاح ورشاد والمم بفضل هديت اليوم من شعثي * ثم اهدني إنك المشور في النادي إن الهداية والإيمان شافية * عن العمى والتقى من خير أزواد وليس يفرج ريب الكفر عن أحد * أضله الجهل إلا حية الوادي قال: فأعجب عليا شعره وقال له علي: لله درك ما أرصن شعرك! قال: فسر به وشرح له الإسلام، فأسلم على يديه وحسن إسلامه، ثم إن عليا سأله فقال له: أعالم أنت بحضرموت؟ قال: إذا جهلتها ما أعلم غيرها. قال: أتعرف موضع الأحقاف؟
قال له: كأنك تسأل عن قبر هود النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال له علي: لله درك ما أخطأت. قال: نعم، خرجت في عنفوان شبابي في غلمة من الحي ونحن نريد أن نأتي قبره لبعد صوته فينا وكثرة ذكره، فسرنا في بلاد الأحقاف أياما وفينا رجل عرف الموضع حتى انتهينا إلى كثيب أحمر فيه كهوف مشرفة فانتهينا إلى كهف منها فدخلناه، فأمعنا فيه طويلا، فانتهينا إلى حجرتين قد طبق أحدهما على الآخر وفيه خلل يدخل منه النحيف متجانفا، فدخلته فرأيت رجلا على سريره فإذا مسست شيئا من جسده أصبته رطبا لم يتغير، ورأيت عند رأسه كتابا بالمسند: أنا هود النبي آمنت