وقال أيضا في ص 36:
تضاربت الروايات في تحديد المقدار الذي وضعه أبو الأسود من علم النحو، ففي رواية أن عليا رضي الله عنه دفع إلى أبي الأسود برقعة كتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
وتقول الرواية أيضا: إن عليا، رضي الله عنه أمر أبا الأسود بتتبع هذا الموضوع بعد أن أعلمه أن الأشياء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، وشئ ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل الناس في معرفة ما ليس بمضمر ولا ظاهر.
ومنهم العلامة أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن بن عيسى القيسي الشريشي في " شرح المقامات الحريرية " (ج 2 ص 296 ط دار الكتب العلمية) بيروت قال:
وقال الخليل: كان أبو الأسود ضنينا بما أخذه من علي رضي الله عنه، وذلك أنه سمع لحنا فقال لأبي الأسود: اجعل للناس حروفا، فأشار إلى الرفع والنصب والخفض، وقال له زياد: قد فسدت ألسنة الناس لأنه سمع رجلا يقول: سقطت عصاتي فدافعه أبو الأسود وسمع رجلا يقرأ (إن الله برئ من المشركين ورسوله) فخفض فقال: ما بعد هذا شئ؟ فقال: ابغني كاتبا يفهم فجئ برجل من عبد القيس فلم يرضه فأتي بآخر من قريش. فقال له: إذا رأيتني قد فتحت في بالحرف فانقط نقطة على أعلاه وإذا ضممت في فانقط نقطة بين يديه وإذا كسرت في فاجعل النقطة تحت الحرف فإذا أشربت ذلك غنة فاجعل النقطة نقطتين، فهذا نقط أبي الأسود واختلف الناس إليه يتعلمون العربية وفرع لهم ما أصله، فأخذه جماعة كان أبرعهم عنبسة بن معدان المهري يقال له الفيل فأقبل الناس عليه بعد موت أبي الأسود فبرع من أصحابه ميمون الأقرن فرأس في الناس وزاد في الشرح فبرع في أصحابه عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي فبرع في النحو وتكلم في الهمز وأملى فيه كتابا