بالكوفة على المنبر والآخر أسر إليه به الرسول، وأمره بتدوينه فكتبه علي حروفا متفرقة على طريقة سفر آدم في جفر، فاشتهر بين الناس به لأنه وجد فيه ما جرى للأولين والآخرين.
وقال الجرجاني: الجفر والجامعة كتابان لعلي ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم، وكانت الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونها ويحكمون بها.
وكون الجفر من العلوم التي أسرها رسول الله إلى علي رضي الله عنه وتوارثه عنه أبناؤه هو عقيدة المتقدمين من الشيعة الذين يعتقدون أن الأئمة لا تذنب ولا تخطئ تنزيها لآل البيت.
وقيل: إن الجفر كتاب وضعه جعفر الصادق، الإمام السادس وهذا ما ذكره الدميري في كتاب الحيوان نقلا عن أدب الكاتب لابن قتيبة وهو مكتوب على جلد الجفر لإخبار أهل البيت بما يقع من الحوادث إلى آخر الزمان، على أن هذا مشكوك في صحته وإلى هذا الجفر أشار المعري في قوله:
لقد عجبوا لأهل البيت لما * أتاهم علمهم في مسك جفر ومرآة المنجم وهي صغرى * أرته كل عامرة وقفر وقال ابن خلدون في مقدمته: اعلم أن كتاب الجفر كان أصله أن هارون بن سعيد العجلي، وهو رأس الزيدية كان له كتاب يرويه عن جعفر الصادق، وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص. وقع ذلك لجعفر ونظائره على طريق الكرامة والكشف الذي يقع لمثلهم من الأولياء، وكان مكتوبا عند جعفر في جلد ثور صغير فرواه عنه هارون العجلي وكتبه وسماه الجفر باسم الجلد الذي كتب منه، لأن الجفر في اللغة هو الصغير، وصار هذا الاسم علما على هذا الكتاب عندهم، وكان فيه تفسير القرآن، وما في باطنه من غرائب المعاني مروية عن جعفر الصادق.