ابن أبي طالب كرم الله وجهه عند التفكير والتحبير وعند الارتجال والبديهة وعند الأطناب والإيجاز في وقتيهما وكيف كان كلامه قاعدا وقائما وفي الجماعات ومنفردا مع الخبرة بالأحكام والعلم بالحال والحرام.
ومنهم الحافظ الشيخ محمد بن أحمد الداودي المالكي المصري المتوفى سنة 945 في " طبقات المفسرين " (ج 2 ص 279 ط بيروت) قال:
وسئل بالروم عن قول علي رضي الله عنه لكاتبه: " الصق روانفك بالجبوب، وخذ المزبر بشناترك، واجعل حندوريتك إلى قيهلي، حتى لا أنغى نغية إلا أودعتها حماطة جلجلانك " ما معناه؟ فأجاب: الزق عضرطك بالصلة وخذ المصطر بأباخسك، واجعل جحميتك إلى أثعباني، حتى لا أنبس نبسة إلا وعيتها في لمظة رياطك.
فتعجب الحاضرون من سرعة الجواب بما هو أبدع وأغرب من السؤال.
قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى بعد أن أورد ذلك في ترجمته في طبقات النحاة ما نصه: قلت الروانف: المقعدة، والجبوب:
الأرض، والمزبر: القلم، والشناتر: الأصابع، والحندورتان: الحدقتان، وقيهلي: أي وجهي، وأنغى: أي انطق، والحمامة: الحبة، والجلجلان: القلب.
ومنهم علامة التاريخ وهب بن منبه في كتاب " التيجان في ملوك حمير " (ص 174 ط صنعاء) قال:
عن هشام، عن أبي يحيى السجستاني، عن مرة بن عمر الأيلي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: إنا لجلوس ذات يوم عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافة أبي بكر إذ أقبل رجل من حضرموت لم أر قط أطول منه ولا أكره وجها، فاستشرفه الناس وراعهم منظره وأقبل حتى وقف فسلم وحيا ثم جلس فكان كالقائم، فكلم أدنى القوم إليه مجلسا وقال: من عميدكم؟ فأشاروا إلى علي بن أبي طالب كرم الله