وقد قال لي علي عليه السلام: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت يا أبا الأسود!
ولعل هذا هو السبب في تسمية هذا العلم بعلم النحو.
وكان أبو الأسود من الذين صحبوا علي بن أبي طالب عليه السلام والذين اشتهروا بمحبته ومحبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكما كان حافز الإمام علي عليه السلام على وضع بعض قواعد اللغة العربية هو ما سمعه من لحن دخل على اللسان العربي، كان ذلك نفس الحافز الذي جعل أبا الأسود ينكب على وضع أبواب جديدة في النحو، فقد وصل الحال بالناس لأن يخفضوا المرفوع، أو أن يرفعوا المنصوب، ومن ذلك ما فعله قارئ للقرآن وهو يتلو قول الله تعالى: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) أي أنه جر كلمة رسوله ففزع لذلك أبو الأسود فزعا شديدا وقال: عز وجه الله تعالى أن يبرأ من رسوله. فالقراءة الصحيحة هي الرفع أي ورسوله بحيث أن المعنى هو: إن الله تعالى برئ من المشركين، ورسوله كذلك برئ منهم. ومثل ذلك أيضا ما سمعه أبو الأسود من أهل بيته، فقد جلس ذات ليلة ينظر إلى السماء وهي تتلألأ بنجومها المضيئة، وكانت ابنة له بجانبه فقالت: ما أحسن السماء! وقدر أبو الأسود أنها تريد الاستفهام فأجابها:
نجومها يا ابنتي، فقالت: أريد التعجب لا الاستفهام، فقال لها: قولي: ما أحسن السماء! افتحي فاك ومنهم العلامة أحمد بن مصطفى المشتهر بطاش كبرى زاده في " مفتاح السعادة ومصباح السيادة " (ص 142 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال:
يروى أنه دخلت بنت خويلد الأسدي على معاوية فقالت: إن أبوي مات وترك لي مالا - بإمالة مال - فاستقبح منها معاوية ذلك. وبلغ الخبر عليا كرم الله وجهه. فرسم لأبي الأسود الدؤلي: باب إن وباب الإضافة وباب الإمالة. ثم سمع أبو الأسود رجلا يقرأ: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بخفض رسوله، فصنف: باب العطف