شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٥١

وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة والحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس مرفوعا وحكم عليه بن الجوزي بالوضع ورد عليه الحافظ العلائي ردا علميا وقال: الصواب إن الحديث حسن وبهذا أفتى الحافظ ابن حجر من سأله عنه فقال: الصواب خلاف قولهما وإن الحديث من قسم الحسن لا يرتقي إلى درجة الصحة ولا ينحط إلى درجة الوضع.
وقال الفاضل المعاصر الشريف علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا سنة ١٣٧٢ في كتابه " أحسن القصص " (ج ٣ ص ٢٠٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت):
علمه: أما علمه كرم الله وجهه، فمما لا جدال فيه، يشهد بذلك قوله صلى الله عليه وسلم أنا مدينة العلم وعلي بابها وهذا حديث حسن أخرجه الترمذي، وتشهد بذلك آثاره من وعظ، وخطب، ونثر ونظم، وبدائع وحكم، كلها مدونة في كتبه المشهورة المنشورة بين الأمم مثل نهج البلاغة وغيره.
وهو أول من ابتدع علم النحو وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي قواعده وأصوله، وقال له أنح هذا النحو يا أبا الأسود، وكان أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء وأخطب الخطباء. وكان رضي الله عنه أبرع الصحابة في علوم الدين، إماما ثبتا في الفقه والتفسير حجة في الفتوى، ليس أدل على ذلك من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجع إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقال غير مرة: لولا علي لهلك عمر، وقال: لا يفتين أحد في المسجد، وعلي حاضر، وقال:
اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها أبو الحسن، والدليل على ذلك القصة الآتية التي تدل على حذقه وعلمه:
روي أن رجلا أتى به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان صدر منه أن قال لجماعة من الناس وقد سألوه، كيف أصبحت؟ قال أصبحت أحب الفتنة، وأكره الحق، وأصدق اليهود والنصارى، وأؤمن بمن لا أرى، وأقر بما لم يخلق، فأرسل عمر إلى علي عليه السلام فلما جاءه وأخبره بمقالة الرجل فقال: صدق.
١ - يحب الفتنة لقوله تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) التغابن.
٢ - ويكره الحق، يعني الموت لقوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق).
٣ - ويصدق اليهود والنصارى لقوله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ) البقرة ٤ - ويؤمن بما لم يره، أي يؤمن بالله عز وجل.
٥ - ويقر بما لم يخلق يعني الساعة. فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا علي لها.
وقال المرحوم الشيخ محمد عبد المطلب في قصيدته المشهورة بالعلوية في مدح سيدنا علي بالعلم:
وسل أهل السلام تجد عليا * أمام الناس يبتدر السلاما حوى علم النبوة في فؤاد * طما بالعلم زخارا فطاما سقاه الحق أفواق المعاني * وهيمه به حبا فهاما وزوده اليقين به فكانت * أفاويق اليقين له قواما رمى في عالم الأنوار سبحا * إلى سوح الجلال به ترامى وقال الفاضل المعاصر أحمد حسن الباقوري المصري في " علي إمام الأئمة " (ص 29 ط دار مصر للطباعة) فكل فقيه في الإسلام مستفيد منه [علي عليه السلام] وعيال عليه فما أصحاب أبي حنيفة محمد وأبو يوسف فقد أخذوا عن أبي حنيفة، والشافعي قرأ على محمد بن الحسن ففقهه راجع إلى أبي حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل قرأ على الشافعي، راجع أيضا إلى أبي حنيفة، ثم إن أبا حنيفة نفسه قرأ على جعفر الصادق، وقرأ على أبيه محمد الباقر، وقرأ الباقر على علي زين العابدين وهو ابن الحسين، والحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين. ومالك بن أنس إمام المدينة المنورة قرأ على ربيعة الرأي، وقرأ ربيعة على عكرمة، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس، وقرأ ابن عباس على الإمام علي. فالإمام رضي الله عنه شيخ الفقه السني: أبي حنيفة، ومالك والشافعي، وابن حنبل، ثم هو أيضا شيخ فقهاء الشيعة.
وليس يخفى عليك أن ثمة رجالا أعظم منزلة وأرفع قدرا من هؤلاء الأئمة وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يرجعون إلى الإمام رضي الله عنه ويأخذون برأيه ثقة به واطمئنانا إلى علمه الذي أكرمه الله به في الالمام بشؤون الدنيا وشؤون الدين.
وليس يغيب عن البصراء بالتشريع الإسلامي ما يرويه الإمام ابن القيم عن مسروق من قوله: شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة:
علي، عبد الله، زيد بن ثابت، أبي الدرداء، أبي بن كعب، ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم ينتهي إلى علي.
وقد كان عمر يرجع إلى الإمام في كثير من المسائل التي تشكل عليه وعلى غيره من الصحابة، حتى كان يقول: لولا علي لهلك عمر.
ثم يقول لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو حسن. وقد نهى رضي الله عنه أن يفتي أحد في المسجد وعلي حاضر.
وبالتأمل في هذه المعاني يعرف أهل الإنصاف أن الفقه قد انتهى إليه حتى لقد كان يروي العامة والخاصة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقضاكم علي. ومعروف أن القضاء هو الفقه فعلي إذن أفقههم أجمعين ولما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا دعا له: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه، يقول الإمام كرم الله وجهه: إنني بعد هذه الدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شككت في قضاء بين اثنين قط.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 51 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 3
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 32
3 مولد علي عليه السلام 33
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 41
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 50
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 57
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 57
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 58
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 58
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 68
11 جوابه عليه السلام لليهود 69
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 70
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 77
14 علمه عليه السلام بالجفر 87
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 93
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 101
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 101
18 حديث جابر وأنس بن مالك 102
19 حديث عبد الله بن مسعود 103
20 قول عمر علي أقضانا 106
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 120
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 125
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 129
24 من أقضيته عليه السلام 131
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 173
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 173
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 174
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 175
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 189
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 212
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 250
32 زهد علي عليه السلام وعدله 255
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 288
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 289
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 296
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 297
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 297
38 صدقات علي عليه السلام 301
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 305
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 338
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 339
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 341
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 344
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 351
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 357
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 363
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 374
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 396
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 399
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 399
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 403
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 405
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 412
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 414
55 قصة حرب الجمل 417
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 513
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 520
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 523
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 523
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 536
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 537
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 582
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 595
64 حديث أنس بن مالك 595
65 حديث أبى رافع 596
66 حديث جابر بن سمرة 597
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 603
68 حديث محمد بن الحنفية 603
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 604
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 606
71 حديث زيد بن وهب 609
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 610
73 حديث أبى الطفيل 611
74 حديث نبل بنت بدر 613
75 حديث سالم بن أبى الجعد 614
76 حديث عبيدة وأم جعفر 615
77 حديث عثمان بن مغيرة 616
78 حديث كثير وروح بن أمية 617
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 618
80 حديث عبد الله بن سبع 619
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 620
82 حديث والد خالد أبي حفص 620
83 ما روى جماعة مرسلا 621
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 624
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 643
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 644
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 653
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 662
89 محل دفن جثمانه الشريف 667
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 673
91 قتل ابن ملجم اللعين 673
92 أزواجه عليه السلام 674
93 أولاده الأشراف السادة 678
94 بعض مراثيه عليه السلام 686