إلى مشاعره، ويلتقي في ذهنه مع صور جولات علي عليه السلام وصولاته، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وأنشد في ذلك شعرا معبرا صارخا، كان من جملته:
وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا يحب إلهي والإله يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا فأصفى لها دون البرية كلها * عليا، وسماه الوزير المؤاخيا واطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم واطمأن معه المسلمون إلى ذلك الفتح العظيم، وحق لهم أن ينالوا قسطا من الراحة بعد جهاد دام عدة أيام، فأخلدوا إلى السكون في ديار خيبر، وقد وقف الحراس مترقبين لكل حركة، حذرين من أي غدر قد يفاجئهم به العدو.
ولكن ما شهدوه من بطولة علي بن أبي طالب عليه السلام وشجاعته في ذلك اليوم كان عجيبا حقا، فقضوا سهرتهم يتحدثون بتلك القدرة الفائقة، وكانوا يتساءلون:
كيف أمكن لعلي عليه السلام أن يقدر على قلع ذلك الباب الضخم ورفعه بين يديه، والهجوم به على الأعداء يدحوهم به دحوا، فقام نفر من ثمانية رجال، بينهم أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهبوا إلى الباب يريدون أن يرفعوه، فما قدروا على أن يقلبوا قلبا، وحاولوا ذلك مرات عديدة، فأعجزهم ثقل الباب، حتى أن أحدهم قال: كنا عشرين نحاول رفعه كما رفعه علي فلم يستطع الضوء أن ينفذ من تحته وكانوا كلهم أمناء صادقين، فعادوا إلى الرجال يتحدثون بما حاولوا ولم ينجحوا، وراحوا يثنون على قوة علي عليه السلام ويحمدون الله سبحانه على ما منح أحد أبطالهم من القوة حتى أمكنه فتح الحصن - إلى آخر ما قال.
ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في " علي إمام المتقين " (ج 2 ص