شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٤٠٠
ومنهم المحدث الحافظ أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المكي المتوفى سنة 227 في كتابه " السنن " (ج 3 ق 2 ص 337 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال:
حدثنا سعيد قال: نا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ابن حسين: إن مروان بن الحكم قال له وهو أمير بالمدينة: ما رأيت أحدا أحسن غلبة من أبيك علي بن أبي طالب، ألا أحدثك عن غلبته إيانا يوم الجمل؟ قلت:
الأمير أعلم، قال: لما التقينا يوم الجمل توافقنا، ثم حمل بعضنا على بعض، فلم ينشب أهل البصرة أن انهزموا، فصرخ صارخ لعلي: لا يقتل مدبر، ولا يذفف على جريح، ومن أغلق عليه باب داره فهو آمن، ومن طرح السلاح آمن. قال مروان:
وقد كنت دخلت دار فلان ثم أرسلت إلى حسن وحسين ابني علي، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر فكلموه، قال: هو آمن فليتوجه حيث شاء، فقلت: لا والله ما تطيب نفسي حتى أبايعه، فبايعته ثم قال: اذهب حيث شئت.
ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في " تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام " (ج 3 ص 484 ط بيروت سنة 1407) قال:
وقال سعيد بن جبير: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهد بيعة الرضوان. رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد (1).

(1) قال الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في " تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام " (ج 3 ص 484):
وقال المطلب بن زياد، عن السدي: شهد مع علي يوم الجمل مائة وثلاثون بدريا وسبعمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل بينهما ثلاثون ألفا، لم تكن مقتلة أعظم منها.
وقال الفاضل المعاصر مأمون غريب المصري القاهري في " خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام " (ص 90 ط مكتبة غريب في القاهرة):
فانطلق عدد كبير من أهل الكوفة قدره البعض باثني عشر ألف مقاتل للانضمام لجيش الإمام، وقال بعض المؤرخين أنهم أقل من ذلك، وعند ذي قار التقوا بالإمام فخطبهم قائلا - فذكر الخطبة الشريفة.
وقال الفاضل المعاصر جميل إبراهيم حبيب البغدادي في " سيرة الزبير بن العوام " (ص 139 ط الدار العربية للموسوعات):
قال عبد الله بن مصعب، قال: أرسل علي بن أبي طالب رحمه الله عبد الله بن عباس، لما قدم البصرة، فقال: إيت الزبير ولا تأت طلحة، فإن الزبير ألين، وإنك تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه، يركب الصعوبة ويقول هي أسهل، فاقرأه السلام، وقل له: يقول لك ابن خالك، عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا لك. قال: فأتيت الزبير. فقال: مرحبا بابن لبابة، أزائرا جئت أم سفيرا؟ فقلت: كل ذلك، وأبلغته ما قال علي، فقال الزبير: أبلغه وقل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة وانفراد واحد وأم مبرور ومشاورة عشيرة ونشر المصاحف فنحل ما أحلت ونحرم ما حرمت.
وقال الفاضل المعاصر عبد الوهاب النجار في " الخلفاء الراشدون " (ص 387 ط 1 دار القلم - بيروت):
جاء طلحة والزبير واستأذنا عليا في العمرة، فأذن لهما وهو يعلم أنهما لا يريدان ذلك وأنهما خرجا كراهة لأمره - إلى أن قال:
قال ابن قتيبة: إنهما قالا لعلي: هل تدري يا علي علام بايعناك؟ قال: نعم على السمع والطاعة وعلى ما بايعتما أبا بكر وعمر وعثمان. فقالا: لا ولكن بايعناك على أنا شريكاك في الأمر، قال علي: لا، ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز والأود. قال: كان الزبير لا يشك في ولاية العراق وطلحة في اليمن. فلما استبان لهما أن عليا غير موليهما شيئا أظهرا الشكاة، فتكلم الزبير في ملأ من قريش فقال: هذا جزاؤنا من علي قمنا له في أمر عثمان حتى أثبتنا عليه الذنب وسببنا له القتل وهو جالس في بيته وكفى الأمر، فلما نال ما أراد جعل دوننا غيرنا، فقال طلحة: ما اللوم إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى كرهه أحدنا وبايعناه وأعطيناه ما في أيدينا ومنعنا ما في يده فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا. وأنهى قولهما إلى علي فدعا عبد الله بن عباس وكان استبطنه فقال: قد بلغك قول هذين الرجلين؟ قال: نعم بلغني قولهما. قال: فما ترى؟
قال: أرى أنهما أحبا الولاية، فول البصرة الزبير وول طلحة الكوفة، فإنهما ليسا بأقرب إليك من الوليد وابن عامر من عثمان، فضحك علي ثم قال: ويحك إن العراقيين بهما الرجال والأموال ومتى تملكا رقاب الناس يسملان السفيه بالطمع ويضربان الضعيف بالبلاء ويقويان على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملا أحدا لضره أو نفعه لاستعملت معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي. قال: ثم أتى طلحة والزبير إلى علي فقالا: يا أمير المؤمنين، ائذن لنا إلى العمرة فإن تقم إلى انقضائها رجعنا إليك وإن تسر نتبعك. فنظر إليهما وقال: نعم، والله ما العمرة تريدان، أمضيا إلى شأنكما فمضيا.
وقال الفاضل المعاصر محمد رضا في " الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين " (ص 128 ط دار الكتب العلمية - بيروت):
قالت المعتزلة: كل أصحاب الجمل هالكون إلا من ثبتت توبته منهم. قالوا:
وعائشة ثبتت توبتها وكذلك طلحة والزبير، أما عائشة فإنها اعترفت لعلي عليه السلام يوم الجمل بالخطأ وسألته العفو، وقد تواترت الرواية عنها بإظهار الندم وأنها كانت تقول: ليته كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنون عشرة كلهم مثل عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام وثكلتهم، ولم يكن يوم الجمل، وإنها كانت تقول: ليتني مت قبل يوم الجمل، وإنها كانت إذا ذكرت ذلك اليوم تبكي حتى تبل خمارها.
وأما الزبير فرجع عن الحرب معترفا بالخطأ لما أذكره علي عليه السلام ما أذكره.
وأما طلحة فإنه مر به وهو صريع فارس فقال له: قف، فوقف. قال: من أي الفريقين أنت؟ قال: من أصحاب أمير المؤمنين. قال: أقعدني، فأقعده. فقال: امدد يدك لأبايع أمير المؤمنين فبايعه.
وقالت المعتزلة: ليس لقائل أن يقول ما يروى من أخبار الآحاد بتوبتهم لا يعارض ما علم من معصيتهم. قالوا: لأن التوبة إنما يحكم بها للمكلف على غالب الظن في جميع المواضع لا على القطع، ألا ترى أنا نجوز أن يكون من أظهر التوبة منافقا وكاذبا فبان المرجع في قبولها في كل موضع إنما هو الظن فجاز أن يعارض من معصيتهم بما يظن من توبتهم.
وقالت الإمامية: كفر أصحاب الجمل كلهم الرؤساء والأتباع. وقال قوم من الحشوية والعامة: اجتهدوا فلا إثم عليهم ولا نحكم بخطئهم ولا خطأ علي عليه السلام وأصحابه. وقال قوم من هؤلاء: بل نقول أصحاب الجمل أخطأوا ولكنه خطأ مغفور كخطأ المجتهد في بعض مسائل الفروع عند من قال بالأشبه، وإلى هذا القول يذهب أكثر الأشعرية.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 403 404 405 406 409 ... » »»
الفهرست