وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب تلبسوا للقتال وخرجوا على خيولهم حتى مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيؤوا للحرب يا بني كنانة، فستعلمون من الفرسان اليوم.
ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق، فقالوا: والله إن هذه لمكيدة، ما كانت العرب تكيدها، ثم تيمموا مكانا من الخندق ضيقا، فضربوا خيولهم فاقتحمت، فجالت في سبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التي منها اقتحموا، فأقبلت الفوارس تعنق نحوهم.
وكان عمرو بن عبد ود فارس قريش، وكان قد قاتل يوم بدر حتى أرتث، وأثبتته الجراحة، فلم يشهد أحدا، فلما كان يوم خندق خرج معلما ليرى مشهده فلما وقف هو وخيله، قال له علي: يا عمرو، قد كنت تعاهد الله لقريش، ألا يدعوك رجل إلى خلتين، إلا قبلت منه إحداهما، فقال له علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام، قال: لا حاجة لي في ذلك. فقال: فإني أدعوك إلى النزال، فقال له:
يا بن أخي، لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك، فقال له علي: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو، فاقتحم عن فرسه فعقره، ثم أقبل فجاء إلى علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي، وخرجت خيله منهزمة هاربة حتى اقتحمت من الخندق.
وكان فيمن خرج يوم الخندق هبيرة بن أبي وهب المخزومي، واسم أبي وهب جعدة، وخرج نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، فسأل المبارزة، فخرج إليه الزبير بن العوام، فيضربه ضربة فيشقه باثنتين حتى فل في سيفه فلا، فانصرف وهو يقول:
إني امرؤ أحمي وأحتمي * عن النبي المصطفى الأمي وخرج عمرو بن عبد ود فنادى: من يبارز؟ فقام علي وهو مقنع في الحديد، فقال: أنا لها يا نبي الله، فقال: إنه عمرو، اجلس، ونادى عمرو: ألا رجل؟ وهو يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إلي