وبعد أن تعدلت الصفوف خرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فدعوا إلى المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار، فقالوا لهم: من أنتم؟ فتسموا لهم، فقالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد! أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة وقم يا علي وقم يا عبيدة فقاموا، فلما دنوا من القوم قالوا: من أنتم؟ فتسموا لهم، فقالوا: نعم، أكفاء كرام. فبارز عبيدة عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد، فأما حمزة وعلي فلم يمهلا شيبة والوليد أن قتلاهما، وأما عبيدة فاختلف هو وعتبة ضربتين أثبت كل منهما صاحبه، وكر حمزة وعلي على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله حتى حازاه إلى المسلمين، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى واستقبل بها قريشا وقال: شاهت الوجوه، ونفحهم بها وقال لأصحابه: شدوا عليهم فوقع النصر، فما بقي رجل من المشركين إلا ملئت عينه ترابا من تلك الرمية التي رماها وفيها أنزل الله (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) (الأنفال 8 / 17) وفيها أسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه عليا، فلما أخذ بيده وبيد ابنه قال لعبد الرحمن بن عوف: من الرجل المعلم فيكم بريشة نعامة في صدره؟ قال:
دلك حمزة بن عبد المطلب، فقال: ذلك الذي فعل بنا الأفاعيل، ثم لقيهما بلال بن رباح، وكان أمية هو الذي يعذب بلالا بمكة، فقال: رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، فقال عبد الرحمن لبلال: اسمع يا بن سوداء، قال: لا نجوت إن نجا، ثم صرح بأعلى صوته: يا أنصار الله هذا رأس الكفر أمية بن خلف، فأقبل رهط من الأنصار فقتلوا ابنه عليا ثم قتلوه، وفيها قتل أبو جهل في آخر رمق من حياته فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتله قومه؟ ثم قال له: لمن الدائرة اليوم؟ قال: لله ولرسوله، وقال له: من الرجل النقي العارضين الذي كان ينحدر أمامه ثم ينحدر خلفه؟ فقال: أما تعرفه؟ قال: لا، قال: ذلك علي بن