ودعاو بغير دليل.
ونحن لا نريد في مقامنا هذا أن نتعقب كتاب (فجر الاسلام) بالنقد، وندل على جميع خطيئاته، ومبهرج آرائه واجتهاداته، وإنما ذكرنا هذه النبذة استطرادا في القول، وشاهدا على صورة حال الشيعة عند كتبة العصر، ومن ينظمونه في سلك العلماء وأهل الأقلام، فما ظنك إذن بالسواد والعوام؟!
ومنبع البلية أن القوم الذين يكتبون عن الشيعة يأخذون في الغالب مذهب الشيعة وأحوالهم عن ابن خلدون البربري، الذي يكتب وهو في إفريقيا وأقصى المغرب عن الشيعة في العراق وأقصى المشرق، أو عن أحمد ابن عبد ربه الأندلسي وأمثالهم.
فإذا أراد كتبة العصر أن يتضلعوا ويتوسعوا في معرفة الشيعة رجعوا إلى كتب الغربيين وكتبة الأجانب كالأستاذ (ولهوسن) أو الأستاذ (دوزي) وأمثالهم، وهناك الحجة القاطعة، والقول الفصل! أما الرجوع إلى كتب الشيعة وعلمائهم فذاك مما لا يخطر على بال أحدهم.
ولكن الشيعي الذي هو على بينة من أمره وحقيقة مذهبه إذا نظر إلى ما يكتبه حملة الأقلام في هذه الأيام عن الشيعة وعقائدها وجدها من نمط النادرة التي يحدثنا بها الراغب الأصفهاني في كتابه المعروف ب (المحاضرات) قال على ما يخطر ببالي: سئل رجل كان يشهد على آخر بالكفر عند جعفر بن سليمان فقال: إنه خارجي، معتزلي، ناصبي، حروري، جبري، رافضي، يشتم علي بن الخطاب، وعمر بن أبي قحافة، وعثمان بن أبي طالب، وأبا بكر بن عفان، ويشتم الحجاج الذي هدم الكوفة على أبي سفيان، وحارب الحسين بن معاوية يوم القطايف. أي يوم الطف أو يوم الطائف!
فقال له جعفر بن سليمان: قاتلك الله، ما أدري على أي شئ