أما الشيعة الإمامية وأعني بهم جمهرة العراق وإيران وملايين من مسلمي الهند ومئات الألوف في سوريا والأفغان فإن جميع تلك الطائفة من حيث كونها شيعة يبرأون من تلك المقالات، ويعدونها من أشنع [أشكال] الكفر والضلالات، وليس دينهم إلا التوحيد المحض، وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق، أو ملابسة لهم في صفة من صفات النقص والامكان، والتغير والحدوث، وما ينافي وجوب الوجود والقدم والأزلية، إلى غير ذلك من التنزيه والتقديس المشحونة به مؤلفاتهم في الكلام، من مختصرة (كالتجريد) أو مطولة (كالأسفار) وغيرهما مما يتجاوز الألوف، وأكثرها مطبوع منتشر، وجلها يشتمل على إقامة البراهين الدامغة على بطلان التناسخ والاتحاد والحلول والتجسيم.
ولو راجع المنصف الذي يمشي وراء الحقائق وفوق العصبية والأغراض شيئا منها لعرف قيمة قول هذه الناشئة المترعرعة التي قذفتنا بهم أعاصير هذا العصر وتطورات هذا الزمن، نعم يعرف قيمة قذف الشيعة بالتناسخ والحلول والتجسيم.
والقصارى: إنه إن أراد بالشيعة هم تلك الفرق البائدة، والمذاهب الملحدة التي لا أحسب أن في رقعة الأرض منهم اليوم نافخ ضرمة فنحن لا نضايقه في ذلك، ولكن نسبتهم إلى الشيعة ظلم فاحش، وخطأ واضح، وقد أساء التعبير، وما أحسن البيان، ولم يعط الحقيقة حقها.
وإن أراد بالشيعة الطائفة المعروفة اليوم بهذا الاسم [و] التي تعد بالملايين من المسلمين، فنحن نطالبه بإثبات ذلك من مصنفات أحد علمائهم من حاضر أو غابر.
وعلى أي حال، فقد استبان مما ذكرناه أن جميع ما ذكره [صاحب] (فجر الاسلام) عن الشيعة في هذا المقام وغيره تهويل بلا تحصيل،