أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ١٧٥
تلك الفرق براءة التحريم (1).
(١) لقد كان موقف الأئمة من أهل البيت عليهم السلام حادا وقطعيا في رد وتكفير الغلاة، بل والبراءة منهم، ونفي وجود أي صلة لهم بهم.
فهذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: " بني الكفر على أربعة دعائم: الفسق، والغلو، والشك، والشبهة ".
وأما الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقد قال: " أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يجلس إلى غال فيستمع إلى حديثه ويصدقه على قوله، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عليهم السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الاسلام: الغلاة، والقدرية ".
وقال عليه السلام مخاطبا أحد أصحابه: " أيا مرازم، قل لهم (أي للغالية) توبوا إلى الله تعالى، فإنكم فساق، كفار، مشركون ".
وقال عليه السلام مشيرا إلى نفي صلة أولئك الغلاة بأهل البيت عليهم السلام: " لعن الله المغيرة بن سعيد، ولعن الله يهودية كان يختلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والمخاريق، إن المغيرة كذب على أبي فسلبه الله الإيمان، وإن قوما كذبوا علي، ما لهم أذاقهم الله حر الحديد.. أبرأ الله مما قال في الأجدع البراد عبد بني أسد أبو الخطاب لعنه الله.. أشهدكم: إني أمرؤ ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله، وما معي براءة من الله، إن أطعته رحمني، وإن عصيته عذبني ".
وقال مخاطبا أحد الغلاة (وهو بشار الشعيري): " أخرج عني لعنك الله ".
وأما الإمام الرضا عليه السلام فقد قال عنهم: " كان بيان بن سمعان يكذب على علي بن الحسين عليه السلام، فأذاقه الله تعالى حر الحديد، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر عليه السلام، فأذاقه الله تعالى حر الحديد، وكان محمد بن بشير يكذب على أبي الحسن موسى عليه السلام فأذاقه الله تعالى حر الحديد، وكان أبو الخطاب يكذب على أبي عبد الله عليه السلام فأذاقه الله تعالى حر الحديد ".
بل وترى الأئمة عليهم السلام يحذرون شيعتهم من أحاديث كان ينتحلها أولئك الغلاة على ألسنة الأئمة عليهم السلام، في محاولة منهم لعنهم الله تعالى لكسب الأنصار والمؤيدين لهم، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله محذرا الشيعة من الوقوع في حبائلهم: " لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ".
وقال عليه السلام أيضا: " كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المتسترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في الشيعة، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذلك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم ".
وإذا كان ذلك ديدن أئمتنا عليهم التحية والسلام، فإن ذلك بلا شك منهج أتباعهم وشيعتهم، وتجد ذلك واضحا في مؤلفات أصحابنا رحمهم الله تعالى برحمته الواسعة، المتخصصة بهذا الموضوع، فهم يحكمون عليهم بلا ترديد بالضلال والكفر، ومن ذلك قول شيخنا المفيد رحمه الله تعالى عنهم: وهم ضلال كفار، حكم فيهم أمير المؤمنين عليه السلام بالقتل والتحريق بالنار، وقضت عليهم الأئمة عليهم السلام بالإكفار والخروج عن الاسلام.
وأما النوبختي فقد قال عنهم بعد أن استعرض فرقهم: فهذه فرق أهل الغلو من انتحل التشيع، وإلى الخرميدنية، والمزدكية، والزنديقية، والدهرية مرجعهم جميعا، لعنهم الله تعالى.
وغير ذلك مما يجده القارئ الكريم عند البحث والمراجعة فراجع: فرق الشيعة: ٤١، أوائل المقالات: ٢٣٨، الكافي ٢: ٢٨٨ / ١ (باب دعائم الكفر وشعبه)، الخصال 1:
72 / 109، رجال الكشي: 224 و 225 و 302 و 398، الشيعة بين الأشاعرةوالمعتزلة: 51 وما بعدها.