حسن الخلاق متم كل صنيعة * وزكاة كل صنيعة إتمامها * * * ولقد طرق شاعرنا فنون الشعر كلها فأجاد، ولا أريد أن أثقل على القارئ بإيراد الشواهد، فالديوان بين يديه، وفيه كل ما تشتهيه الأنفس من ضروب الشعر وفنونه، ولكن الجدير بالقول إن للشاعر قصيدة هائية طويلة تبلغ 584 بيتا مطلعها:
لمن الشمس في قباب قباها * شف جسم الدجى بروح ضياها تغزل في مقدمتها بما يقارب الخمسين بيتا، ثم مدح النبي عليه الصلاة والسلام بمائة وثلاثين بيتا، وخص بالباقي الإمام عليا، احتوى هذه القصيدة بعض مخطوطات الديوان، وخلا منها بعض، فرجحت عمل الذين لم يلحقوها به، لأنها اعتبرت هي وتخميسها كتابا مستقلا، منذ أن طبع الديوان طبعته الأولى في الهند، وقال الناشر - السيد رشيد السيد داود السعدي رحمه الله - في خاتمة الديوان ما نصه:
(وحيث أن هذه الهائية قصيدة مستقلة بنفسها تنوف على خمسمائة بيت، ولا يرغب في قراءتها إلا القليل من الناس لم نلحقها بهذا الديوان).
وحسنا فعل. وإذا كنا قد رجحنا عدم إدخال هذه القصيدة في صلب الديوان، فلا بد من إيقاف القارئ الكريم على نبذ منها ليرى من خلالها كيف بلغ الشاعر فيها ذروة النضج الشعري.
ويبدو لي أنه قد تفرغ خلال السنين الثلاث أو الأربع الأخيرة من حياته لنظم هذه القصيدة بدليل أن آخر قصيدة مؤرخة في ديوانه كانت سنة 1207 ه (43) ولو كان له شعر بعدها لبان.