فإن باب التأويل واسع وذلك يستلزم بطلان الشريعة وهدمها والتأويل إنما يلزم إذا عارضه من كلام ذلك القائل ما هو صريح في المخالفة لا يحتمل التأويل وكان القائل معصوما وإلا لزم الحكم عليه بتغيير الاعتقاد فيحكم على غير المعصوم بحكمين في وقتين وفي مثل هذا بل فيما دونه ما يرتاب به اللبيب العاقل لاحتمال كون الإسلام إن ثبت ساعة والكفر طول العمر وأي ضرورة بنا إلى حسن الظن بأمثال هؤلاء فضلا عن تقليدهم في الأصول والفروع ومتابعتهم فيما ليس بمعقول ولا مشروع.
فصل وأما أهل هذا الزمان من الصوفية فمن نظر في أحوالهم علم أنهم مساوون لسادتهم وكبرائهم في تلك الأوصاف الذميمة والمعايب القبيحة والعيان كاف عن البرهان ولنذكر بطريق التنبيه والإشارة أقساما كلية يندرج كل فرد منهم تحت قسم منها أو قسمين فصاعدا ونقتصر على اثني عشر قسما.
الأول: الذين قد ساء ظنهم واعتقادهم وقل تعويلهم واعتمادهم على الأحاديث المأثورة على أهل العصمة عليهم السلام حتى أظهر العداوة للعلماء والمحدثين وقال بعض هؤلاء: إني قد بعت كتب الحديث الأربعة بدرهم واحد واشتريت به عشقا.
الثاني: الذين تجاوزوا هذا الحد فصرحوا بعدم حجية الأحاديث بالكلية وإنها لا تفيد علما ولا ظنا ولا يجوز العمل بها أصلا وإنها دعوى من غير دليل وناهيك بذلك مخالفة للشرع والإجماع من الإمامية.
الثالث: الذين تبرأون من أهل العلم والشرع ويتعللون بما لا حقيقة له ولا أصل ويدعون تقصيرهم في بعض الأشياء التي ليست بواجبه مع أن ما يفعلونه موافق للشرع ويريدون منهم المخالفة.
الرابع: الذين يأولون أكثر الشريعة ويصرفون سائر النصوص في الكتاب والسنة عن ظاهرها لدعواهم أنهم من أهل الباطن ويلزمهم تحريم ما أحل الله