وأما بالنسبة لأولوية العباس من علي بالخلافة باعتبار أولويته منه بالإرث، فيرد عليه:
1 - إن الإمامة والخلافة ليستا مما يورث، بالاتفاق.
2 - وعلى فرض أنها كذلك فالوارث موجود وهو السيدة الزهراء (عليها السلام).
3 - كما أن الإجماع عندنا على خلافة علي بالنص وعندهم الإجماع على إمامة من سبقه باتفاق أهل الحل والعقد، فادعاء مناط ثالث لإثبات الأمر لغيرهم ساقط بالإجماع المركب.
4 - وعلاوة على كل ذلك فإن التاريخ لم يحدثنا بأن العباس ادعاها لنفسه، بل على العكس فقد كان ملازما لعلي في كل أموره.
5 - وعلى التسليم بكل ذلك فالمسألة في الأولوية تكون خلافية، فهم يرون أولوية العباس ونحن نرى أولوية علي لتقربه للنبي بالأب والأم.
وذهبت الطائفة الإمامية إلى أن الموجب للتعيين هو النص والوصف، فقد نص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل وفاته في مواقف متكررة على الخليفة بعده اسما وصفة ويستدلون عليه بأحاديث من كتب الطائفة الأخرى لتكون أكثر إلزاما لهم (1).
وبهذه المرحلة من النزاع الدائر في أمر الإمامة تبلورت الفرق الإسلامية أكثر فأكثر، حيث بدأت كل فرقة تربي أبناءها على ما تعتقده وتخلق لها المحيط الذي يناسب فهمها لطبيعة الإمامة كما أن كل فرقة قد اشتغلت في البحث عن الأدلة على إثبات مدعاها وابتكرت أدلة كما هذبت وشذبت أدلة قد طرحت سابقا.
ومن الكتب المشهورة في ذلك ما كتبه القاضي عبد الجبار المعتزلي في الإمامة - وفقا لرأيهم من كون علي إماما وأفضل ممن تقدمه، لكن الله جوز تقديم المفضول على الفاضل - فكتب السيد المرتضى في رده " الشافي في الإمامة " ولخصه الشيخ الطوسي، وكتب أبو عثمان الجاحظ رسالته " العثمانية " وردها