السير والتاريخ، فما علم القوم بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وكانوا خارج المدينة - حتى أقبلوا، وقد أنهي إليهم نبأ اجتماع الأنصار للبحث فيمن يخلف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فخافوا فوت الفرصة فهموا بأمر وأظهروه في تلك السقيفة، ولقد جادلوا جدال المستميت عن خلافتهم حتى قطع الجدال الثاني بأن صفق بيد الأول مبايعا له فتم لهم ما أرادوا ثم لم يفتأوا في إجبار الناس والزامهم على المبايعة حتى ديس سعد وهو بينهم، وطرد قوم من المدينة وقتل آخرون، بل تطاول بهم الأمر إلى أن هموا بإحراق دار فاطمة (عليها السلام) على من فيها لأنهم لم يبايعوا (1) واقتيد رجل الإسلام الأول علي بن أبي طالب قسرا لكي يبايع وهو (عليه السلام) يصف الموقف وصفا بليغا حيث يقول: " هذا ماء أجن ولقمة يغص بها آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه " (2).
وأما الحالة العامة فيقول فيها: " أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه " (3).
هذا الوصف الذي ذكره علي (عليه السلام) للوضع السياسي في ذلك الوقت وهو يعتبر أوائل عهد الإمامة والخلافة لا زالت في مهدها. ولكن الأمر لم يبق على ما هو عليه فقط بل مع تقادم العهد وعبث الأيدي المغرضة وتلاعبها بمضامين السنة كل