الشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب - الشيخ محمد آل عبد الجبار - الصفحة ١٦٦
الأولى: ما الحكمة في غيبته مع عموم الجور والظلم وظهوره؟
والثانية: ما وجه الانتفاع به والاهتداء مع أنه على زعمكم أنه لا غناء للعالم بغير معصوم لذلك؟ قلنا:
أما عن الأولى فنقول: وقع نحوه في الأمم في غيبات الأنبياء، وخفائهم عن الخلق، والحكمة الموجبة لها هناك [جارية] هنا، بل في الأمة الأخيرة هنا أقوى وأشد من تلك الملل، لقيام الدواعي من [أبخرة] الحجب والموانع كلما قرب انقضاء دولة أهل النظرة، وظهور التمييز أشد منه فيما سبق، وهي في وقته أقوى وأشد من وقت آبائه (عليهم السلام)، لما ثبت عندهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من انقضاء دولتهم، وإبادتها على يده، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، فلو ظهر قبل أن يأمر الله تعالى بحضور الوقت وزوال الموانع لزمه السكوت، أو يقتل ويختل النظام، ولا يمكنه الجهاد لعدم استجماع شروطه، وعدم زوال الموانع فوقع نحوه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسائر الأنبياء، وآبائه (عليهم السلام) وقال تعالى: * (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) * (1).
ونحوه وقع من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عام الصلح مع أهل مكة مع ما هو عليه من القوة والعدة، والإشكال والدفع مشتركان، وهذا السبب والموجب قائم بحسب الوقت والأناسي، ومجرد الشريعة المحمدية من استتمام حكم التنزيل الموجب، ومجئ التأويل، وكمال توفية النظرة لإبليس لعنه الله تتميما للحجة عليه، وإعلاء لها.
وهذا الوجه كفاية لمن عقل وفهم، فمنه يستبين إيجاد الوجود لها مع ما فيها

(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 161 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست