عليها وجنبنا منازل الهبوط والضعة، وقيل: معناه نسألك الغبطة، وهي النعمة والسرور، ونعوذ بك من الذل والخضوع.
وفلان مغتبط أي في غبطة، وجائز أن تقول مغتبط، بفتح الباء. وقد اغتبط، فهو مغتبط، واغتبط فهو مغتبط، كل ذلك جائز. والاغتباط: شكر الله على ما أنعم وأفضل وأعطى، ورجل مغبوط. والغبطة: المسرة، وقد أغبط.
وغبط الرجل يغبطه غبطا وغبطة: حسده، وقيل: الحسد أن تتمنى نعمته على أن تتحول عنه، والغبطة أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها ولا أن تتحول عنه وليس بحسد، وذكر الأزهري في ترجمة حسد قال: الغبط ضرب من الحسد وهو أخف منه، ألا ترى أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سئل: هل يضر الغبط؟
قال: نعم كما يضر الخبط، فأخبر أنه ضار وليس كضرر الحسد الذي يتمنى صاحبه زي النعمة عن أخيه، والخبط: ضرب ورق الشجر حتى يتحات عنه ثم يستخلف من غير أن يضر ذلك بأصل الشجرة وأغصانها، وهذا ذكره الأزهري عن أبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سئل النبي، صلى الله عليه وسلم: هل يضر الغبط؟ فقال: لا إلا كما يضر العضاه الخبط، وفسر الغبط الحسد الخاص. وروي عن ابن السكيت قال: غبطت الرجل أغبطه غبطا إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ما له وأن لا يزول عنه ما هو فيه، والذي أراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أن الغبط لا يضر ضرر الحسد وأن ما يلحق الغابط من الضرر الراجع إلى نقصان الثواب دون الإحباط، بقدر ما يلحق العضاه من خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأنه يعود بعد الخبط ورقها، فهو وإن كان فيه طرف من الحسد فهو دونه في الإثم، وأصل الحسد القشر، وأصل الغبط الجس، والشجر إذا قشر عنها لحاؤها يبست وإذا خبط ورقها استخلف دون يبس الأصل. وقال أبو عدنان: سألت أبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
أيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر العضاه الخبط، فقال: الغبط أن يغبط الإنسان وضرره إياه أن تصيبه نفس، فقال الأباني: ما أحسن ما استخرجها تصيبه العين فتغير حاله كما تغير العضاه إذا تحات ورقها. قال: والاغتباط الفرح بالنعمة. قال الأزهري: الغبط ربما جلب إصابة عين بالمغبوط فقام مقام النجأة المحذورة، وهي الإصابة بالعين، قال: والعرب تكني عن الحسد بالغبط. وقال ابن الأعرابي في قوله: أيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر الخبط، قال: الغبط الحسد. قال الأزهري: وفرق الله بين الغبط والحسد بما أنزله في كتابه لمن تدبره واعتبره، فقال عز من قائل: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، واسألوا الله من فضله، وفي هذه الآية بيان أنه لا يجوز للرجل أن يتمنى إذا رأى على أخيه المسلم نعمة أنعم الله بها عليه أن تزوى عنه ويؤتاها، وجائز له أن يتمنى مثلها بلا تمن لزيها عنه، فالغبط أن يرى المغبوط في حال حسنة فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة من غير أن يتمنى زوالها عنه، وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له، وأما الحسد فهو أن يشتهي أن يكون له مال المحسود وأن يزول عنه ما هو فيه، فهو يبغيه الغوائل على ما أوتي من حسن الحال ويجتهد في إزالتها عنه بغيا وظلما،