أي أؤمنك منه أو أنا كفيلك، وكذلك لو اشترى غلاما فقال: أنا أعهدك من إباقه، فمعناه أنا أؤمنك منه وأبرئك من إباقه، ومنه اشتقاق العهدة، ويقال: عهدته على فلان أي ما أدرك فيه من درك فإصلاحه عليه. وقولهم: لا عهدة أي لا رجعة. وفي حديث عقبة بن عامر: عهدة الرقيق ثلاثة أيام، هو أن يشتري الرقيق ولا يشترط البائع البراءة من العيب، فما أصاب المشترى من عيب في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع ويرد إن شاء بلا بينة، فإن وجد به عيبا بعد الثلاثة فلا يرد إلا ببينة. وعهيدك:
المعاهد لك يعاهدك وتعاهده وقد عاهده، قال:
فللترك أوفى من نزار بعهدها، فلا يأمنن الغدر يوما عهيدها والعهدة: كتاب الحلف والشراء. واستعهد من صاحبه: اشترط عليه وكتب عليه عهدة، وهو من باب العهد والعهدة لأن الشرط عهد في الحقيقة، قال جرير يهجو الفرزدق حين تزوج بنت زيق:
وما استعهد الأقوام من ذي ختونة من الناس إلا منك، أو من محارب والجمع عهد. وفيه عهدة لم تحكم أي عيب. وفي الأمر عهدة إذا لم يحكم بعد. وفي عقله عهدة أي ضعف. وفي خطه عهدة إذا لم يقم حروفه. والعهد: الحفاظ ورعاية الحرمة. وفي الحديث أن عجوزا دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأل بها وأحفى وقال: إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان. وفي حديث أم سلمة: قالت لعائشة: وتركت عهيدى (قوله وتركت عهيدى كذا بالأصل والذي في النهاية وتركت عهيداه) العهيدى، بالتشديد والقصر، فعيلى من العهد كالجهيدى من الجهد، والعجيلي من العجلة. والعهد: الأمان. وفي التنزيل: لا ينال عهدي الظالمين، وفيه: فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم. وعاهد الذمي:
أعطاه عهدا، وقيل: معاهدته مبايعته لك على إعطائه الجزية والكف عنه. والمعاهد: الذمي. وأهل العهد: أهل الذمة، فإذا أسلموا سقط عنهم اسم العهد. وتقول: عاهدت الله أن لا أفعل كذا وكذا، ومنه الذمي المعاهد الذي فورق فأومر على شروط استوثق منه بها، وأومن عليها، فإن لم يف بها حل سفك دمه. وفي الحديث:
إن كرم العهد من الإيمان أي رعاية المودة. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، معناه لا يقتل مؤمن بكافر، تم الكلام، ثم قال: ولا يقتل أيضا ذو عهد أي ذو ذمة وأمان ما دام على عهده الذي عوهد عليه، فنهى، صلى الله عليه وسلم، عن قتل المؤمن بالكافر، وعن قتل الذمي المعاهد الثابت على عهده. وفي النهاية: لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده أي ولا ذو ذمة في ذمته، ولا مشرك أعطي أمانا فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه. قال ابن الأثير: ولهذا الحديث تأويلان بمقتضى مذهبي الشافعي وأبي حنيفة: أما الشافعي فقال لا يقتل المسلم بالكافر مطلقا معاهدا كان أو غير معاهد حربيا كان أو ذميا مشركا أو كتابيا، فأجرى اللفظ على ظاهره ولم يضمر له شيئا فكأنه نهى عن قتل المسلم بالكافر وعن قتل المعاهد، وفائدة ذكره بعد قوله لا يقتل مسلم بكافر لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتل كان حكمه كذلك