فصار معنى كون الاسم مضافا إليه معنى العمدة بحرف: معنى آخر منضما إلى المعنيين المذكورين علامته الجر، فإن سقط الحرف ظهر الاعراب المحلي في هذه الفضلة، نحو: الله لأفعلن، فإذا عطف على المجرور، فالحمل على الجر الظاهر أولى من الحمل على النصب المقدر، وقد يحمل على المحل كما في قوله تعالى: " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم " (1)، بالنصب، فإن سقط الجار مع الفعل لزوما كما في الإضافة زال النصب المقدر، كما سيجئ.
ثم اعلم أن محدث هذه العماني في كل اسم هو المتكلم، وكذا محدث علاماتها لكن نسب احداث هذه العلامات إلى اللفظ الذي بواسطته قامت هذه المعاني بالاسم، فسمي عاملا، لكونه كالسبب للعلامة، كما أنه كالسبب للمعنى المعلم، فقيل: العامل في الفاعل هو الفعل، لأنه به صار أحد جزأي الكلام، وكذا: العامل في كل واحد من المبتدأ والخبر هو الاخر على مذهب الكسائي (2) والفراء (3) إذ كل واحد منهما صار عمدة بالآخر، واختلف في ناصب الفضلات، فقال الفراء: هو الفعل مع الفاعل، وهو قريب على الأصل المذكور، إذ باسناد أحدهما إلى الاخر صار فضلة، فهما معا سبب كونها فضلة فيكونان، أيضا، سبب علامة الفضلة.
وقال هشام بن معاوية (4): هو الفاعل، وليس ببعيد، لأنه جعل الفعل الذي هو الجزء .