شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ٦٨
" ان " و " لا " التبرئة، وخبر " كان " و " كاد " ومفعولا " ظن " ووجه مشابهتها للفضلة يجئ في أبوابها.
وإنما جاز تقدم كل واحد من جزأي الجملة الاسمية على الاخر لعمل كل واحد منهما في الاخر، والعامل مقدم الرتبة على معموله، لكن الأولى تقدم المسند إليه لسبق وجود المخبر عنه على الخبر، وإن كان الخبر متقدما في الغاية ولم يلزم على هذا جواز تقدم الفاعل على الفعل لان الفاعل معمول للفعل وليس عاملا فيه، كما كان المبتدأ في الخبر (1).
ولم يعتنوا بحال المفاعيل ولم يلزموها موضعها الطبيعي أعني ما بعد العامل، لكونها فضلات.
فظهر لك أن أصل الأسماء الاعراب، فما وجدت منها مبنيا فاطلب لبنائه علة، كما نذكره في المضمرات والمبهمات وأسماء الافعال، والكنايات وبعض الظروف.
وأما أسماء الأصوات، وأسماء حروف التهجي، فبناؤهما أصلي ولا يحتاج إلى تعليل، واعرابهما في نحو قوله:
8 - تداعين باسم الشيب في متثلم * جوانبه من بصرة وسلام (2) وقوله:
9 - إذا اجتمعوا على ألف وواو * وياء، هاج بينهم جدال (3) معلل بكونها مركبين، وهو خلاف الأصل، والله أعلم بالصواب.

(1) أي كما كان المبتدأ عاملا في الخبر، بناء على القول بذلك.
(2) البيت من قصيدة لذي الرمة، يصف الإبل حين قطعها للقفار، وتداعين أي دعا بعضها بعضا وروي:
تنادين. والشيب اسم صوت حكاية لمشافر الإبل عند الشرب يريد أن الإبل شكت العطش في هذا المكان القفر الذي تهدمت جوانبه والبصرة بفتح الباء الحجارة البيض. والسلام بكسر السين: الحجارة أيضا، أو أراد بالمتثلم: الحوض المتهدم.
(3) هذا البيت ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي، وهو يريد في هذا البيت ذم النحويين، روي عن الأصمعي أنه قال: أنشدني عيسى بن عمر، بيتا، هجا به النحويين وليس المراد أن البيت لعيسى بن عمر، ومعنى البيت أنهم إذا اجتمعوا وتحدثوا في سبب الاعلال في حروف العلة هاج الجدال بينهم وطالت المناقشة.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست