فالاختلاف شئ واحد، والاعراب بالاتفاق ثلاثة أشياء، فكيف يكون الاعراب اختلافا.
ولهم أن يقولوا: هذا منك بناء على أن معنى الاختلاف: انقلاب حركة حركة أخرى، وانقلاب حرف حرفا آخر، والانقلاب من حيث هو هو، شئ واحد.
والحق: أن معنى قولنا: يختلف الاخر، أي يتصف بصفة لم يكن عليها قبل، فإن " زيد " مثلا في حال الافراد لم يستحق شيئا من الحركات، فلما ضممت الدال بعد التركيب في حالة الرفع، فقد اختلفت، أي انتقلت من حالة السكون إلى هذه الحركة المعينة، فقد حصل بالحركة الواحدة اختلاف في الاخر، وانتقال الاخر إلى الفتحة غير انتقاله إلى الضمة، وكذا انتقاله إلى الكسرة، فههنا ثلاثة اختلافات مغاير بعضها لبعض بحسب تغاير الحالات المنتقل إليها، وإن كانت داخلة في مطلق الاختلاف.
فالاختلاف، إذن، ثلاثة كالاعراب، والاعراب أيضا هو الانتقالات المذكورة.
هذا إذا أعرب بالحركات، وإن أعرب بالحروف، فاختلاف الاخر، إذن أحد نوعين: أحدهما: رد حرف محذوف من الكلمة، فقط، أو رده مع القلب، كما إذا أردت، مثلا، إعراب " أب " بالحروف: رددت عليه الواو المحذوفة رفعا، ورددتها وقلبتها ألفا في النصب، وياء في الجر.
وثانيها جعل العين أو الحرف الذي زيد في الاخر لغرض بعينه، اعرابا أيضا، أو جعله مع القلب اعرابا، كما جعلت الألف والواو المزيدتين علامتين للتثنية والجمع في نحو:
مسلمان ومسلمون، علامتي الرفع أيضا وجعلتهما مع القلب علامتي النصب والجر، وكذا:
فوه، وذو مال، فقد اختلف حال الواو والألف رفعا، لأنهما صارا لشيئين بعد ما كانا لشئ واحد.
وينبغي أن يقدر كل واحدة من الكسرتين في نحو: إن المسلمات، وبالمسلمات، غير الأخرى، فالاختلاف في آخره ثلاثة، فهما كضمتي " فلك " مفردا، و " فلك " مجموعا (1).