شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
وكذا إن دخل على المبتدا نواسخه، نحو: إن زيدا سيرا سيرا، ويجوز أن يكون نحو: ما كان زيد إلا سيرا، من هذا.
وإنما وجب حذف الفعل، لان المقصود من مثل هذا الحصر أو التكرير وصف الشئ بدوام حصول الفعل منه ولزومه له، ووضع الفعل على التجدد والحدوث، وإن كان يستعمل المضارع في بضع المواضع للدوام أيضا، نحو قولك: زيد يؤوي الطريد ويؤمن الخائف، والله يقبض ويبسط، وذلك، أيضا، لمشابهته لاسم الفاعل الذي لا دلالة فيه وضعا على الزمان، فلما كان المراد التنصيص على الدوام واللزوم، لم يستعمل العامل أصلا، لكونه:
إما فعلا، وهو موضوع على التجدد، أو اسم فاعل، وهو مع العمل كالفعل بمشابهته فصار العامل لازم الحذف، فان أرادوا زيادة المبالغة جعلوا المصدر نفسه خبرا عنه، نحو: زيد سير سير وما زيد إلا سير كما ذكرنا في المبتدا في قولها:
فإنما هي اقبال وادبار (1) - 69 فينمحي، إذن عن الكلام معنى الحدوث أصلا، لعدم صريح الفعل وعدم المفعول المطلق الدال عليه، ولمثل هذا المعنى، أعني زيادة المبالغة في الدوام، رفعوا بعض المصادر المنصوبة التي قدمنا أن فاعلها ومفعولها يبين بالإضافة أو حرف الجر بعد حذف الفعل لزوما، تبينا لمعنى الدوام، قال:
87 - عجب لتلك قضية وإقامتي * فيكم على تلك القضية أعجب (2)

(1) تقدم هذا الشاهد في ص 254 من هذا الجزء.
(2) هذا أحد أبيات قالها ضمر بن ضمرة بن جابر النهشلي - جاهلي - وله قصيدة طويلة تختلف عباراتها كثيرا.
وأبرز ما فيها أنه يعتب على أمه التي كانت تؤثر أخاه عليه، واسمه جندب، ثم يكلفونه بالمهمات الشاقة ويستريح جندب. ولذلك يقول في هذا الشعر:
أمن السوية أن إذا استغنيتم * وأمنتم فانا البعيد الا جنب وإذا تكون كريهة أدعى لها * وإذا يحاس الحيس يدعى جندب والحيس طعام يصنع نم اللبن والتمر والسمن. ويحاس أي يصنع. وختمها بقوله:
هذا لعمركم الصغار بعينه * لا أم لي ان كان ذاك ولا أب
(٣١٦)
مفاتيح البحث: الخوف (1)، الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست