ألا ترى إلى قوله تعالى: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه " (1)، ووافق الكسائي البصريين في جواز نحو: زيدا غلامه ضارب، لا في نحو: زيدا غلامه ضرب، وكأنه نظر إلى شدة طلب الفعل لمفعوله، فكأن مفعوله متأخر عنه، بخلاف اسم الفاعل، فإن طلبه له بالمشابهة.
والأولى: الجواز في الكل، لما ذكرنا من الاكتفاء بالتقدم اللفظي.
قوله: " أو عن أن " يعني: أو كان الخبر عن أن مع اسمها وخبرها. يريد: إذا كان: أن مع صلتها مبتدأ وجب تقديم خبرها عليها، وقد تقدم أنها مع صلتها فاعل عند أبي علي، إذا كان الخبر ظرفا.
وإنما تعين تقديم الخبر لئلا يلتبس بإن المكسورة، لأنك لو جئت بالخبر، بعد خبر أن المفتوحة، إما ظرفا نحو: أن زيدا قائم عندي، أو غير ظرف نحو: أن زيدا قائم حق، لاشتبهت المفتوحة بالمكسورة، ولم تدفع الفتحة الخفية اللبس، لكون الموقع موقع المكسورة، لان لها صدر الكلام بخلاف المفتوحة، كما يجئ في باب الحروف المشبهة بالفعل.
ولا يرفع مجئ خبر المبتدأ بعد خبر " أن " اللبس أيضا، إذ ربما يظن أنه خبر بعد خبر لان المكسورة، أو يظن في الظرف تعلقه بخبر " أن "، وإذا تقدم الخبر على " أن " عرف أنه خبر المبتدأ، وأنه ليس في حيز " أن " المفتوحة، إذ هي حرف موصول، ويجئ في باب الموصول أن ما في حيز الصلة لا يتقدم على الموصول، ولا ما في حيز خبر " إن " المكسورة، لان لها الصدر، فإذا تعين أن المقدم خبر، والمكسورة مع اسمها وخبرها لا يصح أن تكون مبتدأ، لأنها جملة والمبتدأ مفرد، تعين أن ما بعد الخبر هي أن المفتوحة لا غير.