وتقديم الخبر غير الظرف على المبتدأ، لا يرفع اللبس ولا يعينه للخبرية إذ لو قلت في رجل قائم: قائم رجل، احتمل كون رجل خبرا عن قائم، أو بدلا منه، وأما الظرف فإنه إذا تقدم تعين للخبرية بسبب انتصابه لفظا أو محلا، هذا كله على مذهب سيبويه.
وأما على مذهب الأخفش والكوفيين، فالظرف عامل في الاسم الذي بعده، فليس، إذن، من هذا الباب.
قولنا في الأغلب، احتراز عن قولهم: أمت في حجر لا فيك، (1) وقولنا مما لا يتضمن معنى الدعاء، احتراز عن نحو: سلام عليك. وويل لك، فإن الأغلب تأخير الخبر، لما ذكرنا قبل.
قوله: " أو لمتعلقه " أي لمتعلق الخبر بكسر اللام، ونعني بالمتعلق جزء الخبر، فقولك: على التمرة خبر، والمجرور جزؤه، ويجوز أن يريد بالخبر ذلك المقدر، لان الجار والمجرور متعلق به، والمجرور وحده يتعلق بعامله، لان الجار ليس بمتعلق في الحقيقة، بل بسبب تعلق المجرور بعامله القاصر.
يعني إذا اتصل بالمبتدأ ضمير يرجع إلى جزء الخبر، وجب تقديم الخبر حتى لا يلزم ضمير قبل الذكر، فلو قلت: مثلها زبدا على التمرة، لكان مثل: صاحبها في الدار، وقد تقدم امتناعه، وإذا كان الضمير في صفة المبتدأ، نحو على التمرة زبد مثلها، جاز تأخير الخبر عن المبتدأ بان يتوسط بينه وبين صفته، نحو: زبد على التمرة مثلها، إذ الفصل بين الصفة والموصوف جائز.
فإن تقدم المفسر المتعلق بالخبر على المبتدأ ذي الضمير وتأخر الخبر عنه نحو:
في الدار مالكها نائم جاز عند البصريين، وعند هشام من الكوفيين خلافا للباقين، وكأن المانع نظر إلى أن المفسر مرتبته التأخر لتعلقه بالخبر، وليس بشئ لان التقدم اللفظي كاف في صحة عود الضمير.