أو لاضمار القول كقوله تعالى: " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم " (1)، أي فيقال لهم: أكفرتم، وتجئ علة الاتيان بالفاء في خبر مثل هذا المبتدأ في حروف الشرط.
وتدخل جوازا في خبر مبتدأ مذكور ههنا، وهو شيئان: أحدهما الاسم الموصول، إما بفعل أو ظرف، ويدخل في قولنا: الموصول، اللام الموصولة أيضا في نحو: " الزانية والزاني فاجلدوا " (2) وصلتها لا تكون إلا فعلا في صورة اسم الفاعل أو المفعول، كما يجئ في الأسماء الموصولة. والأغلب الأعم في الموصول الذي يدخل في خبره الفاء: أن يكون عاما، وصلته مستقبلة، كما في أسماء الشرط وفعل الشرط، نحو، من تضرب أضرب، وقد يكون خاصا وصلته ماضية، كقوله تعالى: " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات " (3)، الآية، لان الآية مسوقة للحكاية عن جماعة مخصوصين حصل منهم الفتن، أي الاحراق، وكذا قوله تعالى: " وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم " (4)، وقد يكون الموصول خاصا وصلته مستقبلة، كقوله تعالى: " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " (5)، إذ لا يريد كل موت تفرون منه يلقاكم، إذ رب موت فر منه الشخص فما لاقاه ذلك النوع كموت بالقتل بالسيف مثلا، ولاقاه نوع آخر منه، فالمعنى: هذه الماهية التي تفرون منها تلاقيكم، وجاز دخول الفاء في خبر المبتدأ ههنا وإن لم يكن موصولا، لأنه موصوف بالموصول، وقد يقع الماضي بعد الموصول المذكور وهو بمعنى المستقبل لتضمنه معنى الشرط، كقولك: الذي أتاني فله درهم، والموصول بالظرف نحو: الذي قدامك أو في الدار فله درهم.
وإنما وصل المبتدأ الذي في خبره الفاء، أو وصف بالفعل أو الظرف فقط، لكون الموصول والموصوف ككلمة الشرط، والخبر كالجزاء الذي يدخله الفاء، وأما الصلة والصفة فيكونان كالشرط.