قوله: " فلذلك جاز "، أي جواز هذه المسألة معلل بكون الأصل في الفاعل أن يلي الفعل، وذلك إن يقال: إنما جاز: ضرب غلامه زيد، مع أن ما يرجع إليه الضمير:
مؤخر عنه، لان " زيد " فاعل وأصله أن يلي الفعل، فهو متقدم على الضمير تقديرا، وكذلك عدم جواز: ضرب غلامه زيدا، معلل بما ذكر، وذلك بان يقال: إنما لم يجز ضرب غلامه زيدا، لان " غلامه " فاعل، وأصل الفاعل أن يلي الفعل، فهو مقدم على زيد، لفظا وأصلا، فيكون الضمير قبل الذكر، ولا يجوز ذكر ضمير مفسره بعده، إلا في ضمير الشأن لغرض تفخيم الشأن بذكره مبهما ثم مفسرا، ليكون أوقع في النفس كما يجئ.
وليس هذا الغرض مقصودا فيما نحن فيه، أو في الضمير الذي يجئ مفسره فيما بعده منصوبا على التمييز، لان ذلك المنصوب لا يجاء به إلا لغرض رفع الابهام عن الضمير، فلا يلبس، بخلاف " زيدا " في مسألتنا، فان مجيئه، ليكون مفعولا، لا لكونه للتمييز فقط، وأنت إذا جئت بعد المبهم بشئ: الغرض من مجيئك به تفسيره فقط لم يبق الابهام، وأما إذا جئت بعده بشئ: الغرض الأصلي منه غير التفسير كالمفعول ههنا، فلا يكفي في التفسير، لأنه يحمل على ما هو المراد الأصلي منه، ويبقى الابهام بحاله.
فمن ثم منع الفراء، والكسائي في باب التنازع إعمال الثاني إذا توجه الأول إلى المتنازع فيه بالفاعلية، كما يجئ خلافا للبصرية.
وقد جوز الأخفش وتبعه ابن جني، نحو: ضرب غلامه زيدا، أي اتصال ضمير المفعول به بالفاعل مع تقدم الفاعل لشدة اقتضاء الفعل للمفعول به كاقتضائه للفاعل، واستشهد (1) بقوله:
40 - جزى ربه عني عدي بن حاتم * جزاء الكلاب العاويات وقد فعل (2)