إنما جعل الحياء وهو غريزة شعبة من الإيمان وهو اكتساب لأن المستحي ينقطع بالحياء عن المعاصي وإن لم يكن له تقية فصار كالإيمان الذي يقطع عنها ولذلك يقال " إذا لم تستح فاصنما شئت " يراد أن من لم يستح صنع ما شاء لأنه لا يكون له حياء يحجزه ويكفه عن الفواحش والقبح وقال رجل للحسن بليتني الرجل وأنا أمقته ما أعطيه إلا حياء فهل لي في ذلك من أجر قال إن ذلك من المعروف [74 / أ] وإن في المعروف لأجرا 67 - وقال أبو محمد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تهلك أمتي حتى يكون التحايل والتمايز والمعامع " يرويه محمد بن كثم عن إسماعيل عن هشام بن الغاز عن مكحول الوصفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أراد بالتحايل أنه لا يكون سلطان يكف الناس من المظالم فيميل بعضهم على بعض بالغارة وأراد بالتمايز أن الناس يتميز بعضهم من بعض بها ويتحزبون أحزابا بوقوع العصبية ومنه قول الله جل وعز " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " قال أبو محمد أخبرني أبو حاتم عن أبي عبيدة أنه قال تميزوا يريد انقطعوا عن المؤمنين وكونوا فرقة واحدة وقوله " تكاد تميز من الغيظ " أي ينقطع بعضها عن بعض وأما المعامع فهي شدة الحرب والجد في القتال والأصل فيه معمعة النار وهي سرعة تلهبها قال الشاعر ووصف فرسا من المتقارب جموحا مروحا وإحضارها * كمعمعة السعف الموقد شبه حفيفها من المرح في عدوها بحفيف النار إذا التهبت في السعف ومثله معمعة الحر ومعمعات الصيف قال ذو الرمة من البسيط حتى إذا معمعان الصيف هب له * بأجة نش عنها الماء والرطب
(١٣٠)