صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال: أما والله لينتقمن الله ربي، وليغضبن لغضبك فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال علي (عليه السلام):
فوالله لقد حسست بضعة مني فذهبت لبكائه حتى هملت عيناه كمثل المطر، حتى بلت دموعه لحيته وملأة كانت عليه، وهو ملتزم فاطمة (عليها السلام) مانعا دفنها (1) ورأسه على صدري، وأنا مسنده، والحسن والحسين (عليهم السلام) يقبلان قدميه وهما يبكيان بأعلا أصواتهما، قال علي (عليه السلام): فلو قلت: إن جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (صلى الله عليه وآله)، لقد رأيت من بكائها ما أحسست أن السماوات والأرضين قد بكت لها، ثم قال لها: يا بنية، خليفتي عليكم الله وهو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة والسماوات والأرضون وما فيها، يا فاطمة والذي بعثني بالحق نبيا لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها، وإنك لأول خلق الله كاسية حالية ناعمة يا فاطمة فهنيئا لك، والذي بعثني بالحق أن الحور العين ليفخرن بك وتقربك منهن ويتزين لزينتك، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء، والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق، فينادي بها إليك أن يا جهنم! يقول لك الجبار:
اسكتى واستقرى بعزتي حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الجنان، ولا يشغلهم قتر ولا ذلة، والذي بعثني بالحق ليدخل حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك، و [حور العين] يتشرفن من أعلى الجنان فينظرن إليك بين يدي الله في المقام الشريف ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمامى يكسى إذا كسيت ويحلى إذا حليت والذي بعثني بالحق لأقومن بالخصومة أعدائك وليندمن قوم ابتزوا حقك وقطعوا مودتك وكذبوا علي وليختلجن (2) دوني فأقول: أمتي!؟ فيقال: إنهم بدلوا بعدك، و صاروا إلى السعير. (3)