نفسه، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا بلال ومن ذا الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ يا بلال إذن فقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل، فيقتص منهما ولا يدعانه يقتص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل بلال المسجد ودفع القضيب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) القضيب إلى عكاشة... فقام علي بن أبي طالب فقال: يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا تطيب نفسي أن يضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهذا ظهري وبطني اقتص مني بيدك واجلدني مئة ولا تقتص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " يا علي اقعد فقد عرف الله عزوجل مقامك ونيتك " وقام الحسن والحسين (عليهما السلام) فقالا: يا عكاشة أليس تعلم أنا سبطا رسول الله؟
فالقصاص منا كالقصاص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لهما (صلى الله عليه وآله) " اقعدا يا قرة عيني لا نسي الله لكما هذا المقام " ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): " يا عكاشة اضرب إن كنت ضاربا " فقال: يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه (صلى الله عليه وآله)، وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا: أترى عكاشة ضارب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنه القباطي، لم يملك أن كب عليه وقبل بطنه وهو يقول: فداء لك أبي وأمي ومن تطيق نفسه أن يقتص منك؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): " إما أن تضرب وإما أن تعفو " فقال: قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني في القيامة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ ".
فقام المسلمون فجعلوا يقبلون ما بين عيني عكاشة، ويقولون طوباك طوباك نلت الدرجات العلى ومرافقة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يومه، فكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس، وكان (صلى الله عليه وآله) ولد يوم الاثنين، وبعث يوم الاثنين وقبض يوم الاثنين. (1)