إنه كان توابا).
قال: لما نزلت، قال محمد (صلى الله عليه وآله): " يا جبريل نفسي قد نعيت ". قال جبريل (عليه السلام):
الآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم صعد المنبر فحمد الله عزوجل وأثنى عليه، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب وبكت العيون ثم قال: " أيها الناس أي نبي كنت لكم؟ " فقالوا: جزاك الله من نبي خيرا، فلقد كنت بنا كالأب الرحيم وكالأخ الناصح المشفق أديت رسالات الله عزوجل وأبلغتنا وحيه ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته، فقال لهم: " معاشر المسلمين أنا أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني " فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية، فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثالثة " معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص في القيامة " فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول الله، فقال: فداك أبي وأمي لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى ما كنت بالذي يقدم على شيء من هذا، كنت معك في غزاة فلما فتح الله عزوجل علينا ونصر نبيه، وكنا في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك، فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي، ولا أدرى أكان عمدا منك أم أردت ضرب الناقة؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أعيذك بجلال الله أن يتعمدك رسول الله بالضرب، يا بلال انطلق إلى منزل فاطمة وائتني بالقضيب الممشوق " فخرج بلال من المسجد ويده على أم رأسه وهو ينادي: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي القصاص من نفسه، فقرع الباب على فاطمة، فقال يا بنت رسول الله ناوليني القضيب الممشوق، فقالت فاطمة: يا بلال وما يصنع أبي بالقضيب وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة؟ فقال: يا فاطمة ما أغفلك عما فيه أبوك، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يودع الدين ويفارق الدنيا ويعطي القصاص من